7 يوليو 1994 الذكرى التي اغتالت الجنوب وصنعت واقعا من القهر والتهميش

في السابع من يوليو عام 1994، لم تكن عدن تسقط فحسب، بل كان الجنوب بكامله يُساق إلى حظيرة الهيمنة والتبعية بقوة السلاح، بعد أن تمّ دفن مشروع الوحدة الطوعية تحت جنازير الدبابات. لم تكن تلك مجرد حرب أهلية بين طرفين، بل كانت اجتياحًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، اجتياحًا لدولة كاملة، لشعب، لتاريخ، لهوية، لحلم كان يمكن أن يكون مختلفًا.
في هذا اليوم الأسود، انتهت كل آمال الشراكة. تلك الوحدة التي وُقعت في مايو 1990، تحوّلت في غضون سنوات قليلة إلى ساحة صراع دامٍ، بعد أن تكشّفت نوايا الطرف الأقوى، وتحوّلت الدولة إلى ملكية حصرية لقوى النفوذ في صنعاء. حاول الجنوبيون إصلاح المسار، حاولوا أن يجدوا لأنفسهم مكانًا في دولة يدّعون أنها وطن للجميع، لكن الرد جاء حاسمًا: الحرب، الإقصاء، التصفية، والسحق الكامل.
منذ ذلك اليوم، دخل الجنوب في مرحلة جديدة من المعاناة، مرحلة استباح فيها المنتصرون الأرض والثروة والإنسان، ولم يكتفوا بالسيطرة السياسية، بل عمدوا إلى تجريف الهوية الجنوبية، وتذويبها في إطار دولة مهترئة، لا تعترف إلا بالقوة والغلبة. تحوّلت مؤسسات الجنوب إلى أطلال، وسُرّح عشرات الآلاف من العسكريين والموظفين، وصودرت الأراضي، ونُهبت الثروات، وتم التعامل مع الجنوبيين كمواطنين فائضين عن الحاجة.
لم تكن السنوات التالية سوى سلسلة متواصلة من القهر والتهميش. حُرِم الجنوبي من حقه في التمثيل، في القرار، في الثروة، في الحلم، وحتى في كرامته. تم طمس كل ما يشير إلى خصوصيته، وجرى تحميله وزر كل فشل، وتحميله تبعات كل أزمة، وكأنّ عليه أن يدفع ضريبة الوحدة المهزومة كل يوم، وأن يثبت ولاءه لمن لم يبادله يومًا أدنى احترام.
واليوم، ونحن نعيش الذكرى الحادية والثلاثين لتلك الحرب، لا يزال الجنوب يدفع الثمن. لم يتغير شيء سوى أشكال السيطرة. صحيح أن بعض التحولات السياسية قد حصلت، وأن صوت الجنوب بات مسموعًا نسبيًا، لكن جوهر المأساة ما زال قائمًا. ما زالت الثروات تنهب، وما زال المواطن الجنوبي يعيش في ظل خدمات منهارة، وبنية تحتية متآكلة، واقتصاد مدمر، وأمن
ارسال الخبر الى: