الذكاء الاصطناعي وخطره الوجودي أداة بيد الرأسماليين
٣٤ مشاهدة
تعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي الراهنة على المراقبة الجماعية التي باتت المحرك الاقتصادي للقطاع التكنولوجي على ما حذرت منه رئيسة منصة سيغنال للتواصل الاجتماعي ميريديث ويتاكر في مقابلة مع وكالة فرانس برس خلال معرض فيفاتك للتكنولوجيات الحديثة في باريس وقالت ويتاكر التي عملت أكثر من عشر سنوات على مسألة الأخلاقيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي لدى غوغل قبل ترك الشركة إن الذكاء الاصطناعي يتطلب كمية هائلة من البيانات ويستخدمها في كل مرة ينشئ محتوى وأضافت هذه البيانات التي قد تكون خاطئة بشكل كامل لها القدرة على توجيه حياتنا بطريقة ينبغي أن تثير قلقنا ورأت الخبيرة أن خطر الذكاء الاصطناعي يكمن في تصديق مقولة الذكاء بقدرات تفوق البشر غير الحقيقية وعدم رؤية أن هذه التكنولوجيا موجودة حاليا في أيدي حفنة من الشركات التكنولوجية الأميركية التي تسيطر على الذكاء الاصطناعي والبنى التحتية التي تنظمه وأوضحت أن هذه نتيجة النموذج الاقتصادي للمراقبة الجماعية الذي نشأ خلال تسعينيات القرن العشرين في الولايات المتحدة وبات المحرك الاقتصادي للقطاع التكنولوجي ونبهت إلى أننا نستضيف هذه الشركات في حكوماتنا ومؤسساتنا الأساسية وحتى في حياتنا من دون إدراكنا ذلك وأشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي هو أداة لمن لديهم إمكانية الوصول إلى رأس المال تختبر عموما على من لديهم سلطة أقل وأضافت أن معظمنا لا يستخدم الذكاء الاصطناعي بل أصحاب عملنا والسلطات يستخدمونه علينا حقق تطبيق سيغنال الذي أطلق عام 2014 ومول من تبرعات ولم يعتمد حملة تسويقية شعبية واسعة بين المبلغين عن المخالفات والصحافيين ويعد التطبيق الأميركي مرجعا في ما يخص سلامة البيانات إذ لا يتطلب من المستخدم سوى مشاركة رقم هاتفه وتشفر الرسائل عبر بروتوكول ابتكر داخليا كما أن كمية بيانات التعريف المتاحة للتطبيق محدودة وزادت شعبية سيغنال في أوائل عام 2021 عندما أعلن منافسه واتساب أنه سيشارك مزيدا من البيانات مع شركته الأم فيسبوك ويبقى سيغنال الذي يستخدمه بحسب الخبراء 40 مليون شخص بعيدا كثيرا عن واتساب الذي يضم أكثر من ملياري مستخدم أو ماسينجر مع نحو مليار مستخدم واتخذت الجهة الأميركية التي ابتكرت تطبيق المراسلة مقرا لها في باريس حتى نهاية العام بهدف التركيز على السوق الأوروبية لكن ويتاكر شددت على أن أوروبا لا ينبغي أن تحاول التنافس مع الولايات المتحدة أو الصين في سباق الذكاء الاصطناعي من خلال خوارزميات تعزز أنظمة عدم المساواة والسيطرة ودعت المسؤولين الأوروبيين إلى إعادة تصور تكنولوجيا قادرة على خدمة مجتمعات ديمقرطية أكثر وتحترم الحقوق بصورة أكبر ورأت أن تطبيق سيغنال هو مثال جيد ويظهر أن بإمكاننا بناء تقنية مختلفة ترفض النموذج الاقتصادي القائم على المراقبة أما بالنسبة للحاجة إلى ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر وهو ما تدافع عنه الشركتان الفرنسيتان ميسترال إيه آي وهاغينغ فيس وشركة ميتا الأميركية فلا تؤمن ويتاكر به وقالت الخبيرة التي شاركت في كتابة مقالة عن هذه المسألة ستنشر قريبا في مجلة نيتشر العلمية ما هو المصدر المفتوح في تكنولوجيا تتطلب مائة مليون دولار من الطاقة الحاسوبية لتدريب نموذج واحد وأضافت أن إتاحة الوصول إلى مجموعات من البيانات والسماح باعتماد مزيد من الشفافية في النماذج يبقى مفيدا لكننا بحاجة إلى مراجعة التعريف ومساءلة أنفسنا عما نعنيه حقا بالمصدر المفتوح ودعت إلى التعامل بجدية مع وعود الذكاء الاصطناعي في ما يتعلق بالبيئة ولفتت إلى هناك حديث مستمر عن العلوم البيئية وعن نوع من التدخل المناخي الذي سينتج عن القدرة على تحليل كميات كبيرة من البيانات وتحديد الأنماط المتكررة واستخدام الذكاء الاصطناعي للمسائل المناخية وأكدت أن كمية الطاقة اللازمة لإنشاء هذه الأنظمة ونشرها تجعلنا نرغب في البكاء لافتة إلى مساوئ الاستخدام المكثف للوقود الأحفوري والموارد المائية وفي سياق متصل حذر العالم البارز والناشط في مجال الذكاء الاصطناعي ماكس تيغمارك من أن شركات التكنولوجيا الكبرى نجحت في صرف انتباه العالم عن الخطر الوجودي الذي ما زال يشكله الذكاء الاصطناعي على البشرية وفي حديثه مع صحيفة ذا غارديان خلال قمة الذكاء الاصطناعي المنعقدة في سيول في كوريا الجنوبية قال إن التحول في التركيز من انقراض الحياة إلى مفهوم أوسع لسلامة الذكاء الاصطناعي يهدد بتأخير غير مقبول في فرض تنظيم صارم على مبتكري البرامج الأقوى وذكر بـالخوف الذي عبر عنه أشخاص مثل جيفري هينتون ويوشوا بينجيو وحتى الكثير من الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا على الأقل في السر حض جيفري هينتون الذي يوصف بأنه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي العام الماضي الحكومات على التدخل لضمان ألا تسيطر الآلات على المجتمع وكان هينتون قد تصدر العناوين في مايو أيار 2023 عندما أعلن استقالته من غوغل للتحدث بحرية أكبر عن مخاطر الذكاء الاصطناعي بعد فترة وجيزة من إطلاق برنامج الدردشة تشات جي بي تي الذي أسر العالم وحذر هينتون من أن مخاطر الذكاء الاصطناعي يجب أن تؤخذ على محمل الجد وتابع أعتقد أنه من المهم أن يدرك الناس أن هذا ليس خيالا علميا أو مجرد إثارة للمخاوف مشددا على أنها مخاطرة حقيقية يجب أن نفكر فيها مليا وعلينا التوصل إلى معرفة كيفية التعامل معها مسبقا كما أعرب هينتون عن قلقه من أن يعمق الذكاء الاصطناعي عدم المساواة حيث المكاسب الهائلة من إنتاجيته ستذهب إلى الأثرياء وليس إلى العمال وقال إن الثروة لن تذهب إلى الأشخاص الذين يعملون بل ستجعل الأثرياء أكثر ثراء وليس الفقراء وهذا مجتمع بالغ السوء وأشار إلى خطر الأخبار المزيفة التي يمكن إنشاؤها بواسطة برامج الروبوتات على غرار تشات جي بي تي معربا عن أمله بأن توضع علامات على المحتوى الذي تولده برامج الذكاء الاصطناعي كما تضع البنوك المركزية علامات على العملات النقدية ونبه إلى أنه من الأهمية بمكان أن نحاول على سبيل المثال تمييز كل ما هو مزيف على أنه مزيف لا أعرف ما إذا كان بإمكاننا فعل ذلك تقنيا أم لا أما ماكس تيغمارك فكان واحدا من مجموعة خبراء دعت في مارس آذار 2023 إلى التوقف مؤقتا عن تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي لإتاحة الوقت للتأكد من سلامتها وقد جرى التداول في هذه الرسالة المفتوحة الموقعة من أكثر من ألف شخص بينهم إيلون ماسك والمؤسس المشارك لشركة آبل ستيف وزنياك تزامنا مع إصدار نسخة GPT 4 من برنامج تشات جي بي تي الذي طورته شركة أوبن إيه آي بدعم من شركة مايكروسوفت وشددت الرسالة على وجوب تطوير الذكاء الاصطناعي إذا ما كنا واثقين من أن آثار هذا التطوير ستكون إيجابية وأنها ستكون خاضعة للسيطرة والتحكم في أخطارها وهو ما رأوا أنه غير متوفر في الوقت الراهن فلا أحد يستطيع التنبؤ أو التحكم بشكل موثوق بهذا الذكاء الاصطناعي