الذكاء الاصطناعي على خطى ثرثرة الجارات

١٤ مشاهدة
لديك سيارة سريعة لكن هل هي سريعة بما يكفي لتستطيع الطيران بها تقول الفنانة الأميركية ذات الأصل الأفريقي تريسي شامبان في أغنية لها أدتها في عيد ميلاد نيلسون مانديلا في عام 1988 على الإيقاع نفسه لديك ميول ثورية لكن هل أنت ثوري بما يكفي لتفيد البسطاء من الناس بينما ملياراتك تحجب الرؤية أن تكون مليارديرا ويساريا فكرة مجنونة لكن هناك من هو مجنون بما يكفي لأن يحاول تطبيقها ولو من باب الزعم وما من ثري مجنون أكثر من إيلون ماسك الشخصية الجدلية ورمز اليسار المليارديري مع مساندته لاشتراكية خفيفة للتكنولوجيا في زمن الرأسمالية أو أن تكون ثريا إلى درجة أنك تشعر بالملل وتحاول مقاسمة العالم بعض فتاتك ولو من أجل إغاظة خصومك فيما يمثل مارك زوكربيرغ رمز الرأسمالي المستجد الذي يتصرف شخصا متمرسا في الاستغلال والإثراء السريع على حساب مليارات من الضحايا الذين يضخون تفاصيل حياتهم في صناديقه الخضراء والزرقاء بالتفسير الإيديولوجي هو إقطاعي كبير في سهول التكنولوجيا بصمته الأرستقراطية وشجع شركته التي باعت البشرية إلى الشركات الضخمة لتلعب النرد بها في هذه اللعبة الطبقية القديمة الجديدة أعلن إيلون ماسك أنه يخطط لبناء حاسوب عملاق تحت اسم مصنع غيغا لدعم شركته في مجال الذكاء الاصطناعي ومواجهة شات جي بي تي ChatGPT طبعا يقول إنه يسعى إلى ديمقراطية التكنولوجيا بعدما رفع دعوى قضائية ضد شركته السابقة أوبن إيه آي صاحبة شات جي بي تي متهما إياها بانتهاك مهمتها الأصلية غير الربحية المتمثلة في إتاحة أبحاث الذكاء الاصطناعي للجميع لكن هل يصير ذلك مقابل اعتناق نوع من الاشتراكية التي نحتاج إلى البحث عن مدى صحتها فلنا مع إيلون ماسك مشكلة قد يراها بعضهم حلا فمقابل اقتحام مارك لدردشاتنا يريد أن ينشئ ذكاء اصطناعيا يدردش بدلا منا سيتحدث الذكاء الحكاء بدلا منا فنتمكن من التواصل مع الآلاف من الأشخاص الذين يعبرون حياتنا ولا نجد وقتا لننشئ علاقات معهم من أي نوع فرص عمل صداقات معارف علاقات حب أو علاقات عابرة ماذا سنفعل نحن حينها سنقطف ثمار التواصل فنحصل على الوظيفة الأفضل بعدما قام الذكاء بالبحث وإجراء المقابلات واختيار فرص العمل سنخرج مع أصدقاء تجمعنا بهم خيوط كثيرة اكتشفها هو وعمق علاقتنا بهم لكن ماذا سنفعل حين نلتقي ونحن لم نخض حديثا واحدا حقيقيا سنتصرف أصدقاء بينهم تاريخ طويل ولكن ليس من الضروري أن نذكره في لقاءاتنا فبنسب استعمالنا للأجهزة ستمحى ذاكرتنا بالفعل بأحداثها وشخوصها لذا مهما تشاركت شخصياتنا الاصطناعية حوارات فليس علينا حرج بما أننا بلا ذاكرة ويمكن لنا أن نتشارك النميمة عبر الذكاء البديل مثل جارات على السطوح بلا تأنيب أما قصص الحب فبعد تجريب كل الاحتمالات سيقدم لنا اقتراحات جديرة بالتجربة لعلها نقلة هائلة لكن أليس كل ما نعيشه كذلك مع هذه السيطرة للتواصل الاجتماعي في حياتنا نتذكر كيف كان الأمر مريبا قبل عشر سنوات فقط بعد زمن المنتديات الإلكترونية كنت أدخل في منتصف الليل إلى موقع يقول لي أنت وشخص آخر يحمل اسما عشوائيا مثل 34256 تتصفحان الموقع فلا أشعر بعدم الراحة بوجود مجهول كأننا معا نتجول في شارع مهجور وجود شخص آخر فيه قاده الليل إلى إحدى الأزقة صدفة يبدد وحشة العتمة ولا يقيد حركتي فبيننا حائط غير مرئي ولما بدأنا نظهر بأسمائنا ووجوهنا على فيسبوك كان الأمر مخيفا في البداية لكننا تطبعنا وانكشفنا أكثر مما كنا نتوقع يوما الآن معظمنا يجد صعوبة في التعامل مع شات جي بي تي لأنه يهدد أسئلتنا الوجودية بقدرته على تعويض جهدنا الفكري ومع أفكار ماسك لتعويض علاقاتنا الاجتماعية هل نحتاج حقا مزيدا من القطيعة مع الواقع هل سنكتمل فيه بالغوص أعمق في الافتراض أم أننا سنتوه أكثر تقول تريسي شابمان في أغنية أخرى أعطني سببا واحدا للبقاء وسأعود حالا أعطونا سببا واحدا لنسلم الذكاء الاصطناعي مفتاح حياتنا الاجتماعية عدا الإجابة عن 90 من الرسائل والمكالمات

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح