الذات والسلطة حدود الحرية والإكراه في حياتنا اليومية

36 مشاهدة
تنتشر صفة «سلطوي» authoritarian بشكل واسع في الثقافة المعاصرة، لتصف أشكالاً من الأنظمة السياسية، والممارسات، والخطابات. وهي توضع غالباً في موقع النقيض لصفات مثل «ديمقراطي» و»تحرري» و»تقدمي». النظام السلطوي، حسب هذا الوصف، يمركز السلطة فيه بشكل كبير، ويحرم محكوميه منها، ويفرض نفسه عبر القمع والرقابة والإرغام، ويلغي الحريات والحقوق الأساسية؛ فيما يقوم «الخطاب السلطوي» على عدم الاعتراف بالآخر، والسعي لقمع رأيه، أو إلغائه، أو وصمه، والسعي لفرض حقيقته الخاصة على الآخرين.
وهكذا يخضع الناس للنظام والخطاب والممارسة السلطوية، التي قد تتخذ أشكالاً مباشرة، أو غير مباشرة، وتستخدم العنف المادي أو الرمزي، أو تلوّح باستخدامه، ويصبحون مرغمين على السلوك والقول ضمن ما يُفرض عليهم من طرف السلطويين. ويبدو أن كثيرين، ومنهم سكّان منطقتنا طبعاً، كانوا يعيشون تحت «الأنظمة السلطوية»، التي جعلتهم ضحايا.
يستبطن منظور نقد السلطوية هذا افتراضاً أساسياً، وهو أن البشر كانوا سيسلكون ويتكلمون بشكل حر لولا السلطوية، وهذا يطرح سؤالاً معيارياً مهماً عن ماهية تلك الحرية: ما الحالة النموذجية، الذي يمكن القول فيها إن الأفراد والجماعات اتخذت قراراً حرّاً؟ بالتأكيد لا يوجد قرار يُتخذ بحرية كاملة، ودون أي ضغوطات أو حسابات أو مخاوف أو مخاطر، وكأنه يُتخذ في العدم، أو فوق العالم، وبالتالي لا بد من وجود إطار، يؤمّن الشروط الأساسية لما نصفه بالحريّات والقرار الحر. الإجابة الكلاسيكية هي مؤسسات النظام الديمقراطي، التي تؤمّن حكم القانون، وحرية المعتقد والتعبير والضمير، والحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية الأساسية. بالتالي لا حرية خارج النظام، وإنما هي منتج من منتجاته، تماماً كما أن القمع مُنتَج لنظام مغاير، يُطلق عليه حكم قيمة سلبي، هو النظام السلطوي. وهذا يعني أن «السلطوية» ليست تماماً مفهوماً محايداً لدراسة ووصف الأنظمة السياسية القائمة، فهي تحمل جانباً معيارياً وقيمياً، ما يجعل إطلاق صفة «سلطوي» على أي نظام أقرب لقدح جارح له، بل نزعاً لشرعيته. من جهة أخرى يدافع بعض أنصار اليمين المعاصر عن «سلطوية حميدة» Benevolent Authoritarianism، تؤمّن «الحكم القوي» الضروري لنهوض الدولة والمجتمع، والحد من الفوضى والانحدار الاجتماعي، خاصة

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع صحيفة المرصد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح