الدولة الرسولية نموذج دولة يمنية واحدة تنسف دويلات الإمامة الزيدية

في خضم الصراع مع المشروع السلالي الكهنوتي، يعود الحديث دوما إلى تجارب اليمنيين في بناء دولتهم، ويبرز اسم الدولة الرسولية كأحد أعظم النماذج السياسية والحضارية في تاريخ اليمن.
ورغم محاولات الإمامة الزيدية طمس هذا النموذج، وتشويه رموزه، إلا أن الدولة الرسولية تظل البرهان الأقوى على قدرة اليمنيين على بناء دولة مدنية متقدمة، وقيادة مشروع نهضوي متكامل، بعيدا عن العصبية المذهبية، وخرافة التفوق السلالي، والدموية التي ميزت تجارب الأئمة الزيدية.
تجربة حكم راسخة ومتصلة
امتدت الدولة الرسولية من عام 1229م إلى 1454م، لأكثر من 225 عامًا، في واحدة من أطول فترات الاستقرار السياسي في تاريخ اليمن، وهي فترة تضاهي مجموع سنوات الدويلات الامامية الزيدية وأئمتها مجتمعين.
وخلافا للدويلات الزيدية التي كانت تعيش على التنازع بين أكثر من إمام وتفشل في بسط السيطرة خارج الجبال، حكمت الدولة الرسولية اليمن الموحّد من عدن إلى صعدة، ومن تهامة إلى حضرموت، وامتد حكمها الى ظفار في عمان، في تجربة وحدوية نادرة في تاريخ اليمن الوسيط.
دولة جامعة وحاضنة
لم تقم الدولة الرسولية على أساس مذهبي أو سلالي، بل على الكفاءة والولاء للدولة، لم ترفع شعار الحق الإلهي في الحكم، ولم تجعل من النسب معيارا، بل أعلت من شأن العلم، والإدارة، والعدل، وفتحت أبواب الدولة أمام جميع اليمنيين دون تمييز مذهبي أو عرقي.
نهضة علمية وفكرية
شهد اليمن في عهد الدولة الرسولية ازدهارا علميا وثقافيا غير مسبوق، حيث
انتشرت المدارس، والمكتبات، ودُور العلم في تعز وزبيد وعدن وحضرموت بل امتدت الى الأرياف في وصاب وغيرها، ودعمت الدولة العلماء والمفكرين، واستقدمت كبار علماء المسلمين من الخارج كالعلامة الفيروزآبادي، مؤلف القاموس المحيط، الذي أقام ودرّس في تعز، والمقري المغربي، الذي زار اليمن وسجّل إعجابه بنظامها الإداري والثقافي.
كما ازدهرت علوم الطب والفلك والرياضيات، وتم تدوين مئات المخطوطات في عهدها وتم انشاء الجامعات بمفهومها المعاصر والتي كانت تقدم السكن الداخلي والاعاشة والمنح التعليمية
رخاء اقتصادي وإنجازات عمرانية
ارتبطت هذه النهضة العلمية بازدهار اقتصادي واسع، فازدهرت التجارة والزراعة، وتوسعت الموانئ
ارسال الخبر الى: