عن الدولة الخيال الجماعي وسلطة الجماعة

25 مشاهدة

عايشَ المجتمعُ الفلسطيني أشكالًا من التكدّسات السياسية، الدينية والوطنية، وكان مجاله العام مليئاً بالجماعات النشطة التي أثّرت في تكوينه السياسي والوطني، واحتكّت بكلّ جوانب حياته؛ فمنذ إنشاء منظمة التحرير، ومن ثمّ انطلاقة القوى الوطنية الفلسطينية، وبعدها قوى الإسلام السياسي، أصبحت الخطابات السياسية المتباينة جزءاً لا يتجزّأ من حياة الفلسطينيين إلى أن تسلّلت إلى لاوعيهم الفردي والجمعي أيضاً، إذ كانت كلّها بحاجة إلى رأسِ مالٍ سياسي يمنحها شرعية الممارسة السياسية في المجال العام.

عام 1975، نشر الفرنسي ديدييه أنزيو الجماعة واللاوعي، وكان المألوف وقتها الحديث عن وعي الجماعة، ولكنّه آثرَ أن يُسقِط نظريات السويسري كارل يونغ في اللاوعي الجمعي على الجماعة السياسية، والمؤسسة، وفرق العمل. يقول الرجل: إنّ للجماعة حُلماً أو وهماً مشتركاً، يساعدها على التماسك، يربط أفرادها بعضهم ببعض، ويرافق هذا الحلمَ فانتازياتٌ مشتركة تشكّل العامل الأهمّ في احتشاد أفرادها.

لا أشكّ في أنّ التكتّلات السياسية الفلسطينية قائمة إلى حدٍّ ما على هذه المعطيات اللاواعية؛ حتى بُعَيْدَ اتفاق إعلان مبادئ أوسلو ومجيء السلطة، ظلّ حلم الجماعة ولم يذهب به حلم الدولة، وعندما انتشر حلم الدولة، لم ينتشر من أجل الدّولة ذاتها، بل عبّرت عنه الجماعة حتى أخذ يشقّ طريقه في رؤوس الناس، فبعد محطّة إنكار طويلة لخطّ أداة الحكم الذاتي السياسيّ الذي يتجسّد في الوصول إلى دولة ذات سيادة على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، بدأ خطاب القوى السياسية التي أنكرت هذا الخطّ، أي خطّ الدولة، يحمل ملامحَ الخطّ السياسي الذي أنكرته في بداية الأمر.

الآن، قد يشعر الأفراد أنّ لديهم ملاذاً مشتركاً، ومحيطاً نفسياً يعمل بديناميكية خاصة؛ ويعمل الخوفُ من فقدانه عملَه في إقصاء المختلف عنهم، ويتصاعد ولاؤهم له حدَّ الطاعة العمياء؛ كلٌّ حسب ما تُمليه جماعته وطريقتها لتحقيق هدف الدولة.

سيكون لذلك، في ما بعد، الأثر البالغ في سلطة الجماعة، أو (جماعة السلطة)، وهذا تعبير رائج في حيّز الفلسطينيين العام، أي إنّهم يتعاملون مع السلطة، أداة الحكم الذاتي في الأراضي الفلسطينية وراء خطّ الرابع من يونيو، وهكذا

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح