الدكتور أحمد المغربي من غزة إلى بلجيكا طبيب تشكل وعيه في الانتفاضة يروي قصة الحرب والمنفى

يمنات
محمد المخلافي
يستند هذا المقال إلى لقاء خاص عبر التلفون مع الدكتور أحمد المغربي، المقيم حاليًا في بلجيكا، والذي يروي فصولًا من حياة طبيب فلسطيني نبتت جذوره في غزة، وترعرع وعيه في أتون الانتفاضة.
من قلب غزة، حيث تتشابك ذكريات الطفولة مع صرخات الانتفاضة، تطل علينا قصة الدكتور أحمد المغربي، ابن حي الصبرة. إنها ليست مجرد سيرة ذاتية، بل مرآة تعكس ملامح جيل بأكمله، جيل تشكّل وعيه على إيقاع الحجارة ودويّ الانفجارات. ففي عام 1977، بدأت رحلة أحمد، الشاهد على انتفاضة الحجارة التي انطلقت شرارتها عام 1987 واستمرت ست سنوات، وتركت بصمة لا تُمحى في ذاكرة جيل عاش ريعان شبابه في خضم الأحداث.
مدرسة الزيتون، المقابلة للجامعة الإسلامية، احتضنته في المرحلة الإعدادية، وشهدت عنف الاحتلال وإصرار الطلاب على المقاومة، حين كانوا يواجهون جنود الاحتلال ويرمونهم بالحجارة. لم يثنِ إغلاق المدرسة المتكرر من قِبل الجيش الإسرائيلي، والذي كان يمتد أحيانًا لنصف عام دراسي بسبب المواجهات الدائمة، الطلاب عن طلب العلم، بل زادهم إصرارًا على مواصلة الدراسة في مدارس أخرى.
عاش أحمد حياة صعبة، مليئة بالإضرابات والاشتباكات مع جنود الاحتلال، الذين لم يتوانوا عن استخدام قنابل الغاز، والرصاص المطاطي، والرصاص الحي لقمع الانتفاضة. كان منع التجول واقتحام المنازل بحثًا عن “مطلوبين” مشهدًا مألوفًا، يرسم صورة قاتمة عن واقع الحياة تحت الاحتلال، صورة انطبعت في ذاكرة جيل بأكمله.
في عام 1993، ومع انبلاج فجر السلطة الفلسطينية بقيادة أبو عمار وسيطرتها على قطاع غزة، كان أحمد في الصف الثاني الثانوي. واصل الدراسة بكل عزيمة وإصرار حتى أنهى المرحلة الثانوية، وتفتحت أمامه مسارات عدة؛ كانت تركيا ومصر ضمن الخيارات المطروحة، إلا أن القدر ساق إليه نصيحة من أصدقاء في أوكرانيا، أشاروا عليه إلى سهولة إجراءات السفر والإقامة هناك. وهكذا، حزم أحمد حقائبه متوجهًا إلى أوكرانيا عام 1995، حيث أمضى عامه الأول في تعلم اللغة، ثم التحق بكلية الطب، ليتخرج منها عام 2002، حاملاً شهادة الطب التي طالما حلم بها والده.
كان والد أحمد وحيدًا
ارسال الخبر الى: