فتحت الدراما المشتركة السورية ــ اللبنانية أمام كوادرها بابا جديدا للإنتاج وهو باب منصات المشاهدة والدراما القصيرة غير المقيدة بثلاثين حلقة رمضانية أغلب هذه الأعمال تتكون من مسلسلات بعشر حلقات وأغلبها مقتبس من أعمال أجنبية حبكاتها تشويقية مثل مسلسل عالحد والغريب الذي بث نهاية العام الفائت ولكن حتى هذا النوع لم يستطع الخروج عن حدود المقبول في الدراما المشتركة بل حاول أن يمزج بين مكونات هذه الدراما على صعيد الحبكة والإخراج ما جاء بمنتج هش لا يخلو من الثغرات التي بإمكان أي مشاهد رصدها لاحقا بدأت هذه الدراما بأشكالها المختلفة بمحاولة التقرب من الواقع والإجابة عن استفسارات الجمهور حول الإشكاليات الجوهرية التي تعانيها فظهر البطل الشعبي المبررة خلفيته ولهجته مع مسلسل الهيبة الذي تحول إلى سلسلة فانتازيا لاحقا اليوم لم يعد هذا النموذج صالحا ضمن قطاع الإنتاج الدرامي إذ سرقت الدراما المعربة من دراما البان أراب الحبكات الفانتازية لتغرق الدراما المشتركة في ضرورة اقترابها من الواقع ومحاكاته بفعل عدد من العوامل وتحت ضغط الظروف في كلا البلدين سورية ولبنان نشهد اليوم دراما مشتركة مزدهرة مع عدد من شركات الإنتاج التي قررت رعاية هذا النمط أشهرها شركة الصباح ونرى هذه الدراما تنزلق لتقترب من الواقع أكثر خصوصا بعد الانهيار الاقتصادي الحاصل في لبنان منذ عام 2020 والذي لا يمكن التهرب منه فكل من السوري واللبناني يعيش واقعا صعبا في بلد ضاق بكل من يقطنه هكذا نرى الدراما خرجت على مهلها من الحديث عن القصور المغلقة والعائلات الثرية لتقترب أكثر من الشارع وتحكي لأول مرة عن العنصرية بشكلها الفج والمباشر كمسلسل النار بالنار للمخرج محمد عبد العزيز يتمحور العمل حول العنصرية المتبادلة لكنه وعلى غرار باقي المسلسلات يبقى على الحياد في مساحة عامة لا مساءلة فيها حول حقيقة هذه العنصرية وحقيقة هذا الواقع إذ تغدو العنصرية التي يقدمها جزءا دراميا جذابا يساعد حبكة العمل لا أكثر تتشارك الدراما المشتركة ودراما منصات البث الإلكترونية بسمات وملامح واضحة فهي خلطة ما بين قصص التشويق والإثارة وقصص الحب الخفيفة تحاول هذه الأعمال تحقيق هذه التركيبة لتقدم حبكة غير مترابطة وتضعف بعناصر الحبكة الأساسية التي تستند عليها من شخصيات ومكان وزمان ولماذا الآن هنا يراود المشاهد العديد من الأسئلة أثناء متابعته العمل فيصبح المسلسل في لحظة وقد ركب القصة والأحداث على واقع لا يتجانس معها ما يجعل الواقع يغدو هجينا بني خصيصا ليتوافق مع الحبكة فقد قدمت الشخصيات من دون عمق درامي حتى وقدم الواقع السوري واللبناني الإشكالي بخفة وجرد من أبعاده السياسية والاجتماعية والشخصيات تبدو أقرب إلى أنماط كما نراها في أغلب المسلسلات المشتركة فالحي اللبناني التقليدي يضم صاحبة محل ودودة وثرثارة ورجلا عجوزا يذكرون المشاهد بماضي لبنان وكذلك على الشاب مفتعل المشاكل الأزعر ويحوي أيضا الفتاة اللعوب العاشقة وبضعة سياسيين فاسدين وبطلا شعبيا عاشقا العمل المشترك موجه لجمهور عريض ويعتمد خلال صناعته على هدف أساسي وهو الترفيه وهذا ليس بالأمر السيئ ولكن وسط ضخامة الإنتاج وكثافته بات الواقع يتشوه مع الوقت حتى يمكننا القول إن مجموع هذه المسلسلات قدمت صورة لواقع مواز أصبحت راسخة عند متابعي هذه الدراما وأصبحت تعتمد كأنها صورة عن لبنان وسورية وصورة عن العلاقات العائلية والإنسانية بشكل أو بآخر كثافة الإنتاج هذه من دون مراعاة معايير جودة الصنعة ومن دون وضع هدف فعلي إلى جانب الترفيه صارت قادرة على زرع صورة مغلوطة عن الواقع ما الذي تحاول الدراما المشتركة قوله هو سؤال يطرحه أغلب من يشاهد هذه الدراما فإلى جانب القصص التشويقية لا نرى أي عمق درامي كفيل بتفضيل القصة على الواقع وفي ظل الإشكاليات المتصاعدة في كلا البلدين والصراعات التي بلغت أوجها بدايات إبريل نيسان 2024 نرى هذه الدراما لا تزال تقف على الحياد مقدمة شخصيات هلامية