يوثق التحقيق كيف يجري التلاعب بنظام التعليم المفتوح للمرحلة الثانوية في تركيا إذ يستأجر طلاب من يتقدمون بدلا عنهم إلى الامتحانات التي تجرى عن بعد دون احتياطات كافية لمنع الغش ومن ثم يحصلون على شهادة معترف بها لم يتوقع الطالب السوري محمد السعد المقيم في مدينة أنطاكية بولاية هاتاي التركية حصوله على شهادة تعليم ثانوي تمكنه من دخول الجامعة إذ إن مستواه التعليمي كان متدنيا جدا وحصل على شهادة التعليم الإعدادية من دمشق بشق الأنفس وبمعدل منخفض لم يتجاوز 124 علامة من أصل 280 فاتجه إلى العمل في الحلاقة واستمر في ذات المجال عندما استقر في تركيا ومن خلال معارفه سمع عن إمكانية الحصول على شهادة الثانوية العامة عبر نظام التعليم المفتوح وبالفعل صدق السعد كما طلب تعريفه للموافقة على الحديث حول تجربته شهادة المرحلة الإعدادية من وزارة التربية التركية بحسب شروطها وتقدم بطلب لاستكمال دراسته الثانوية ليحصل على الشهادة خلال العام الدراسي الماضي رغم عدم إتقانه للغة التركية كما قال لـالعربي الجديد موضحا أن غياب الرقابة على الامتحانات التي تعقد عن بعد online منذ عام 2021 سهل من مهمته إذ لا يتطلب الأمر سوى دفع مبلغ لطالب مجتهد أو مدرس يتقدم إلى الامتحانات عوضا عنه بالإضافة إلى السعد يوثق التحقيق 4 حالات لطلاب سوريين حصلوا على شهادة الثانوية العامة عبر نظام التعليم المفتوح بذات الطريقة بينما كانت الامتحانات تجرى سابقا في مراكز مراقبة وباعتماد نماذج مختلفة لأوراق الامتحانات كما يقول مدير التربية في مدينة ياهشيهان بولاية كركالي شرق أنقرة هالوك أوزديمير والذي يقر بصعوبة ضبط الغش عبر النظام الحالي نتيجة انعدام الإجراءات الرقابية ثغرات في ضبط نظام التعليم المفتوح تهدف وزارة التربية التركية من إقرار نظام التعليم المفتوح إلى إتاحة الفرصة أمام من تخلفوا عن استكمال التعليم العام وتشترط أن يكون المتقدم أنهى المرحلة المتوسطة وتسعى إلى توظيف التكنولوجيا لإتاحة استكمال التعليم أمام من لديهم حالة خاصة ويمكثون في المنزل أو في المستشفيات وفي السجون وهو نظام معمول به بدءا من العام الدراسي 1992 1993 ويقوم على تطبيق نظام النقاط ليتخرج الطالب بإكماله نقاط ثمانية فصول دراسية ويبلغ عدد المواد في العام الدراسي 24 مادة ويحق للطالب تقديم 12 مادة في كل فصل بحسب المعلومات المنشورة على موقع الوزارة ويسمح للأجانب بالالتحاق بالتعليم المفتوح في تركيا بشرط أن يكون الطالب قد أتم المرحلة الدراسية الإعدادية بشكل نظامي في بلده ويتوجب عليهم معادلة شهادة المدرسة الإعدادية في وزارة التربية التركية وهو ما قام به السعد والسوريون الأربعة الذين وثق معد التحقيق تجاربهم والذين يدخلون ضمن 977 ألف طالب أجنبي يدرسون في تركيا منهم 790 ألف طالب سوري بحسب تصريحات وزير التربية والتعليم التركي يوسف تيكين في لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام في 15 أغسطس آب 2023 تحول الامتحانات للنظام الإلكتروني online سهل الغش والتلاعب ويبين السعد أن الامتحانات كانت تتم عن بعد عبر رابط يرسل من إدارة التعليم المفتوح ويمرره بدوره إلى معلم تركي يجيب على الامتحان الواحد مقابل 50 ليرة تركية وهو مبلغ بسيط كان يساوي أقل من عشرة دولارات أميركية في وقتها شهدت سعر الليرة مقابل الدولار تغيرات متعددة خلال الأعوام الماضية وفي السنة الأخيرة رفع المعلم السعر إلى 100 ليرة تركية لكل امتحان بسبب هبوط قيمة الليرة ويحمل مدير التربية أوزديمير مسؤولية الفوضى الحاصلة في امتحانات التعليم المفتوح إلى إجراءات الوزارة السابقة بعد جائحة كورونا معتبرا في حديثه لـالعربي الجديد أنها تراخت في وضع نظام يضبط امتحانات التعليم المفتوح وخاصة بعد انتشار الفيروس وتحول الامتحانات لتصبح إلكترونية واستمرارها حتى هذا العام موضحا أنه ضمن النظام الحالي للامتحانات لا يمكن ضبط حالات الغش كما لا توجد إجراءات وقائية لمنعه فالطالب يدخل عبر كلمة سر خاصة به ويمكنه إعطاء هذه الكلمة لأي شخص لكي يقدم الامتحان بدلا عنه خاصة أن النظام الإلكتروني المعمول به حاليا لا يطلب أية معلومات متعلقة بالطالب أثناء الامتحان أو صورة له ولهويته أو كأن يطلب منه فتح الكاميرا والإجراء الوحيد القائم حاليا هو أن الطالب لا يستطيع الخروج من صفحة الامتحان إلا بعد إنهاء كل الأسئلة ولهذا لا يمكن بأي حال من الأحوال ضبط عمليات الغش أما في نظام الامتحانات العادي فإن عقوبة الغش هي رسوب الطالب في الامتحان وفي حال دخل شخص آخر بديل عن الطالب إلى القاعة فإنه يحرم من دخول الامتحان لمدة تتراوح بين عامين وثلاثة أعوام وهذه العقوبة غير متاح تطبيقها في الامتحانات عن بعد أيضا بسبب صعوبة اكتشاف قيام أحدهم بحل الامتحان بدلا من الطالب الأصلي وفق أوزديمير وتبين المحامية السورية ميسون محمد التي تعمل في مكتب يشار للمحاماة بإسطنبول أن الغش وانتحال الشخصية في الامتحانات يعدان من المخالفات التربوية التي تخضع للقوانين واللوائح الصادرة عن وزارة التربية والتعليم التركية والتي تهدف إلى ضمان جودة ومصداقية التعليم في البلاد ولا تخضع لقوانين وزارة العدل موضحة أنه وفقا لهذه القوانين فإن المؤسسات التعليمية مسؤولة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع حدوث هذه المخالفات وفرض العقوبات المناسبة على المخالفين وتشمل هذه العقوبات إلغاء نتائج الامتحان وإسقاط المادة وإيقاف التسجيل وطرد الطالب من المؤسسة وهو ما يؤكده أوزديمير بقوله إن حالات الغش في الامتحانات تخضع للوائح تنفيذية خاصة بوزارة التربية وبحسب تلك اللوائح فإن الأشخاص الذين يدخلون امتحانا بدلا من الطلبة تصل عقوبتهم إلى الحبس من عام وحتى أربعة أعوام الهجرة إلى التعليم المفتوح يشهد نظام التعليم المفتوح إقبالا متزايدا مقارنة بالتعليم الثانوي النظامي إذ بلغ عدد الطلاب النشطين الملتحقين به 797 921 طالبا منهم 5464 طالبا من ذوي الاحتياجات الخاصة و71 186 طالبا سجلوا حديثا و13 333 طالبا من السجناء بالإضافة إلى 683 طالبا من خارج البلاد بحسب إحصائية نشرتها الوزارة على موقعها عام 2017 وفي عام 2018 كان عددهم 175 ألف طالب في التعليم المفتوح أي ما نسبته 7 74 من الملتحقين في باقي فروع التعليم الثانوي وسجل العدد ارتفاعا عام 2019 ليصل 202 475 طالبا وفي عام 2020 بلغ العدد 206 882 طالبا وارتفع إلى 333 190 طالبا عام 2021 ليقفز إلى 715 683 طالبا عام 2022 أي ما نسبته 22 07 من باقي فروع التعليم الثانوي بينما كانت نسبة الطلاب المتقدمين لامتحان الثانوية العامة من خلال ثانويات التعليم العام 31 02 من إجمالي المتقدمين بحسب دراسة بعنوان الهجرة إلى التعليم المفتوح أعدها مركز أبحاث سياسات التعليم التركي والذي رصد نظام التعليم المفتوح المطبق في البلاد على مدار 4 سنوات منذ عام 2018 وحتى 2022 وتعزو الدراسة السابقة الإقبال المتزايد على التعليم المفتوح بخاصة مع انقطاع التعليم الرسمي بسبب جائحة كورونا إلى أن طبيعة الامتحانات المطبقة ضمن النظام في السنوات الأخيرة أكثر جاذبية من حيث الطريقة مع عبء دراسي أقل كما أن الطلاب المهتمين بالاستعداد للجامعة يمكنهم الحصول على مزيد من الوقت للتحضير لها وأن الحصول على شهادة الدراسة الثانوية ينظر إليه على أنه إكمال فقط لإجراءات التحويل إلى الجامعة ما زاد من الهجرة من التعليم الرسمي إلى المفتوح وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى شغور الفروع في الصفين الحادي عشر والثاني عشر وما يترتب على ذلك من عواقب محتملة مثل الاستغناء عن معلمين أعدادهم فائضة بحسب نتائج الدراسة خطورة الظاهرة تواصل العربي الجديد مع ثلاثة أشخاص باتوا يمتهنون التقدم إلى الامتحانات بدلا من الطلبة أحدهم مدرس فيزياء تركي وهو من الأساتذة المعتمدين لدى السعد منذ التحاقه بالتعليم الثانوي المفتوح إذ كان يدخل الامتحانات بدلا منه ولدى الاستفسار منه عن المقابل المادي الذي يريده أجاب بأن السعر أمر سابق لأوانه إذ يحدد في بداية كل فصل أو مع قرب الامتحان مع إشارته إلى أن المبلغ لن يقل عن 300 ليرة تركية 11 دولارا للامتحان ومنذ بدأ نظام الامتحانات عن بعد يعتمد عليه الطالب السوري المقيم في إسطنبول تميم زهير اسم مستعار لأنه يقوم بعمل غير قانوني والذي يدرس في كلية الهندسة لتأمين جزء من نفقاته كما يقول في حديثه لـالعربي الجديد واصفا عمله بمساعدة الطلاب في اجتياز امتحاناتهم مقابل مبلغ رمزي إذ يحل الامتحانات في المواد التي يعتبر نفسه متمكنا فيها مثل المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء وبعض المواد الأخرى مثل الجغرافيا والتاريخ أما المواد الأدبية التركية فيعتذر عنها مبينا أنه يتقاضى أجورا لا تزيد عن 200 ليرة تركية مقابل المادة الواحدة 8 دولارات ويمكن للطالب الملتحق بالتعليم المفتوح الاستعانة بأحد أفراد أسرته أو أصدقائه أيضا كما فعل السوري مصطفى العلي اسم مستعار لقيامه بفعل مخالف للقانون المقيم في إسطنبول بموجب بطاقة حماية مؤقتة إذ انقطع عن التعليم بعد الصف العاشر بسبب اللجوء وقرر أن يحصل على شهادة الثانوية العامة عبر نظام التعليم المفتوح فقام بمعادلة شهادته للصف العاشر ثم أنهى الصفين الحادي عشر والثاني عشر خلال عام واحد بمساعدة شقيقته وصديقه التركي الذي قدم عنه امتحانات باللغة التركية التي لا يتقنها العلي ما مكنه من اجتياز كل الاختبارات والحصول على شهادة ثانوية من التعليم المفتوح بمعدل 75 عقب ذلك تمكن من التسجيل في جامعة خاصة بقسم اللغة الإنكليزية يمتهن مدرسون وطلاب الإجابة عن امتحانات نظام التعليم المفتوح هذه الحالة تخلق مشكلة حصول طلاب غير أكفاء على شهادات ثانوية معترف بها من وزارة التربية التركية ولوضع حد لهذا تتجه الوزارة إلى تصعيب شروط الانتقال من التعليم النظامي إلى المفتوح وإعادة الامتحانات الخاصة بالتعليم المفتوح لما كانت عليه قبل كورونا بحسب تصريحات الوزير تيكين في لقائه مع ممثلي وسائل الإعلام وهو ما يؤكده أوزديمير لـالعربي الجديد بأن هناك نظاما جديدا للتعليم المفتوح سيدخل حيز التنفيذ مع بداية العام الدراسي الجديد 2023 2024 وبموجبه سيدخل الطالب إلى قاعة امتحان معدة مسبقا ويتم مشاهدته من قبل المراقبين مع وجود عناصر من الشرطة وضمن الآلية الجديدة نستطيع القول إنه لا وجود لإمكانية لأن يغش أي طالب