تشهد دول مجلس التعاون الخليجي تحولا ملحوظا نحو تنويع اقتصاداتها بعيدا عن الاعتماد التقليدي على النفط وتشير التوقعات إلى أن النمو الاقتصادي في المنطقة سيصل إلى 4 4 خلال عام 2025 وفقا لتقرير صادر عن أكسفورد إيكونوميكس في أكتوبر تشرين الأول الماضي وذلك في وقت تواجه فيه المنطقة تحديات جيوسياسية واقتصادية متعددة مما يستدعي استراتيجيات فعالة لتعزيز الاستقرار والنمو وإزاء ذلك تتجه الأنظار نحو كيفية استغلال الفرص الاقتصادية الجديدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وخلق فرص عمل جديدة في دول مجلس التعاون مع التركيز على القطاعات الإنتاجية مثل السياحة والتجارة والخدمات الرقمية في ظل مؤشرات على أن دول الخليج على أعتاب مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي المتنوع من الحكومة الإلكترونية إلى الذكية وفي هذا الإطار يشير الخبير الاقتصادي محمد الناير في تصريحات لـ العربي الجديد إلى أن التطورات الإقليمية والعالمية المتسارعة تفرض ضرورة وضع خطط وبرامج لمنطقة الخليج للعام 2025 وذلك لتفادي الآثار السلبية المحتملة للتصعيد الراهن في المنطقة مؤكدا أن تلك التداعيات لا تقتصر على الاقتصاد الإقليمي فحسب بل تمتد آثارها إلى الاقتصاد الدولي ما يستدعي السعي نحو تهدئة شاملة لتجنب الانعكاسات الاقتصادية الحادة ويرتبط هذا المسعى باتجاه دول الخليج نحو تنويع مصادر مواردها بدلا من الاعتماد الكلي على النفط حيث وضعت خططا وبرامج بعيدة المدى لتحقيق التحول نحو الاقتصاد المعرفي والرقمي حسب الناير الذي يؤكد في هذا الصدد على أهمية تطوير الخدمات والانتقال من الحكومة الإلكترونية إلى الحكومة الذكية لرفع مستوى الكفاءة وفي السياق المالي يشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة تقوية وتطوير الجهاز المصرفي مع تفعيل الاستثمارات المتاحة في الصناديق السيادية ضمن مجالات مضمونة تحقق عوائد مجزية متجاوزة التركيز التقليدي على القطاع العقاري وفي تحليل نشره غولدمان ساكس في أكتوبر تشرين الأول الماضي أكد بنك الاستثمار على أهمية تنويع الاستثمارات في القطاعات غير النفطية موضحا أن الاستثمار في التكنولوجيا المالية والابتكار يمكن أن يوفر فرص نمو جديدة لدول الخليج ما يساعد في تقليل الاعتماد على النفط ويعزز من استقرار الاقتصاد الكلي وفي هذا الإطار يدعو الناير إلى توجيه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية الحقيقية سواء داخل الخليج أو خارجه مع تطوير المنتجات وفق مبادئ الاقتصاد المعرفي والرقمي مما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وخلق فرص عمل جديدة كما يشدد الناير على أهمية تهيئة مناخ الاستثمار لجذب رؤوس الأموال إلى دول الخليج والحد من توجهها نحو الاستثمار في الغرب نظرا للمخاطر المحتملة الناجمة عن التقلبات الجيوسياسية العالمية وتتطلب هذه الرؤية التنموية وفق الناير الاستثمار في القطاعات الإنتاجية الحقيقية كالزراعة بشقيها النباتي والحيواني والصناعات الاستخراجية والتحويلية مع التركيز على الأخيرة إضافة إلى القطاع الخدمي والسعي نحو تحقيق التكامل بين الدول العربية من خلال الاستفادة من الميزة النسبية لكل دولة فرص في القطاعات غير النفطية في السياق يؤكد الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة في تصريحات لـ العربي الجديد أن دول الخليج تشهد فرصا استثمارية واعدة في القطاع غير النفطي متوقعا نموا ملحوظا في هذا القطاع خلال عام 2024 استنادا إلى أرقام إيجابية صادرة عن شركة برايس ووترهاوس كوبرز بينها نمو الاقتصاد غير النفطي بنسبة 3 7 في السعودية و4 في الإمارات و3 8 في سلطنة عمان و4 7 في الكويت ويضيف عجاقة أن التوقعات تشير إلى ارتفاع أكبر في نمو الاقتصاد غير النفطي بدول الخليج خلال عام 2025 خاصة مع خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأميركية ما يدفع دول مجلس التعاون إلى خفض أسعار الفائدة لديها أيضا ويرى أن هذا الأمر سيؤدي إلى زيادة الفرص الاستثمارية من خلال تسهيل الاقتراض للقطاع الخاص وتدعم هذه التوقعات ما ذكره تقرير لمؤسسة موديز الذي صدر في أكتوبر تشرين الأول الماضي وأورد أن القطاعات غير النفطية ستستمر في النمو نتيجة للجهود المستمرة لتنوع الاقتصاد وتعزيز الابتكار كما توقع ارتفاعا مستمرا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة بسبب الإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها المنطقة ويؤكد عجاقة أهمية التركيز على الاقتصاد غير النفطي في ظل تراجع أسعار النفط واستقرارها عند مستويات متدنية حول 70 دولارا للبرميل ويرى أن هذا الوضع يدفع دول الخليج إلى تعزيز اقتصادها غير النفطي بشكل كبير مشيرا إلى مجالات مثل الخدمات الرقمية والطاقة المتجددة والنشاطات التجارية الابتكارية والذكاء الاصطناعي والبنى التحتية في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ويتفق هكذا تحليل مع دراسة أجراها البنك الدولي مفادها أن الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم ستتمكن مع انخفاض أسعار الفائدة العالمية من الحصول على التمويل اللازم للنمو والتوسع ما سيساعد بشكل كبير على تعزيز النشاط الاقتصادي وزيادة فرص العمل داخل دول الخليج وفي هذا الإطار يشدد عجاقة على أهمية التسهيلات القانونية التي تقدمها دول الخليج معتبرا أنها تؤثر بشكل كبير على جاذبية الاستثمار ويرى أن هذه التطورات تشير إلى نقلة نوعية في الاستثمار بدول الخليج مؤكدا على أهمية المرونة التي تظهرها التحديثات القانونية في هذه الدول ويتوقع الخبير الاقتصادي أن تصبح البيئة الاستثمارية في دول الخليج ضمن الأفضل عالميا في المرحلة القادمة ويلفت عجاقة إلى أن التنافسية بين دول الخليج تدفعها إلى تحسين البيئة الاستثمارية بشكل مستمر ويرى أن التحولات في البنية القانونية للاستثمار والإصلاحات الهيكلية ستسمح لدول الخليج بالتنافس ليس فقط فيما بينها بل على المستوى العالمي