عن الخطيفة و المحرر وإدارة الدولة السورية
مع استمرار غياب الشفافية، وتكريس إدارة الدولة بأسلوب التنظيم السرّي، تصعب معرفة ما يدور تماماً داخله، سواء لجهة الكيفية التي يتم فيها اتخاذ القرار، أو من يشارك في صنعه، أو ماهية الرؤية (يمكن أن تسمّيها أيضاً الاستراتيجية، أو الفلسفة العامة)، التي تقود الدولة (إذا كان ثمّة واحدة)، تختلط لدى سوريين كثيرين مشاعر الرضا وهم يتابعون إنجازات مهمّة لبلادهم على صعيد الخروج من العزلة، والتحرّر من نير العقوبات التي تسببت بها سياسات النظام البائد، وإشهار استثمارات مهمة في مجال تطوير البنية التحتية وإعادة الإعمار، هذا كله من جهة، وبين الخوف من سياسات ارتجالية، يقاد عبرها البلد باتجاهات غير واضحة، ويجري معها اتخاذ قرارات كبيرة من دون دراسة كافية، وبأقلّ قدر من الشفافية، ومن سلطةٍ، وإن كانت تملك شرعية إدارة المرحلة الانتقالية، بعد نجاحها في إسقاط نظام مجرم، إلا أنها تفتقر إلى تفويض شعبي كافٍ لتقرير مصير البلد وأهله.
هذه المشاعر التي تنوس، كما ذكرنا، بين الخوف والأمل، يتشاركها جزءٌ معتبرٌ من السوريين على اختلاف انتماءاتهم واهتماماتهم: النخب التي تبدي اهتماماً أكبر بقضايا السياسة العليا، والمشاركة، والشفافية، وكذلك عامّة الناس الذين يميلون إلى التركيز أكثر على متطلبات الحياة اليومية، والقضايا المعيشية. تخشى الفئة الأولى من أن تكون السلطة الجديدة، وفيما هي توزّع ممتلكات الدولة، وكأنها غنائم حرب، تمهد لبيع قطاعات استراتيجية كاملة وتخصيصها. يتوجّس هؤلاء أيضاً من وجود استسهال كبير في اتخاذ قراراتٍ تتطلب مشاركة أوسع، ودراسة أكبر، في ظل دستور مؤقت يركز سلطات مطلقة (ملكية تقريبا)، في يد شخص واحد. ويمكن من متابعة آراء جزءٍ معتبرٍ من النخب السورية تلمس تخوّفات من أننا قد نكون بصدد الدخول في تجربة اقتصادية مماثلة للتي عرفتها مصر في عهد أنور السادات، فيما يذهب آخرون أبعد من ذلك باستدعاء تجربة روسيا، عشية سقوط الاتحاد السوفييتي، حيث جرت عملية بيع بالجملة لأبرز مؤسّسات القطاع العام وشركاته، بما فيها تلك ذات الطابع الاستراتيجي، التي لا يجوز للدولة التخلّي عنها، أو غيرها مما يمكن إصلاحه وتأهيله، في عملية
ارسال الخبر الى: