الحياة بوصفها عقوبة في الموؤودة لأماني غيث
هل يُمكن كتابة رواية على غرار لوحات بيكاسو؟ هذا التساؤل هو ما ينتاب قارئ رواية الموؤودة (دار النهضة العربية، 2024) للكاتبة اللبنانية أماني غيث. لسنا بهذه المقارنة نهدف إلى مدح أو ذمّ، كلّ ما نريد قوله إننا أمام رواية تقترب من أن تكون لوحةً، وهذا ليس للمدح أو خلافه. إن لها تعقيد اللوحة البيكاسوية وتركيبها الغريب وقسوتها المقصودة. ندخل إلى الرواية من نهايتها، كفى صلعاء ساقطة الرموش والحواجب في سرير السرطان، لكنها، مع ذلك وفي الحال نفسها، كتبت رواية عنوانها نفسه يدعونا الى هذا التفكير.
العنوان يشبه البطلة، إنه يقولها بطريقة ما، إنها لحظة تجنح مع ذلك إلى الخسارة، إنه ازدواج قاس، بل هو قسوة مركّبة. ما يفيض عن ذلك أن الروائية الناجحة تستدعي صحافيّين يدخلون ليفاجؤوا بها، في صلعها ومرضها القاتل. هذه المقدمة هي تقريباً خلاصة الرواية، بل كأن الرواية انتظمت واسترسلت لتصل إليها.
كفى النائمة تلك جاءت من أُسرة قوامها، الأب الحديدي الذي يضرب زوجته ويضربها هي بالذات، لأنها بنت ولأنها فوق هذه اللطخة، قبيحة. نحن نبدأ هكذا من امرأة يحكمها الشعور بقُبحها وسط عائلة من الجَميلين، إنها تساعد في البيت أكثر من أُختيها الفاتنتَين، لكنّ أباها الذي لم ترث جماله، لا يخجل من ضربها وضرب والدتها. إننا هكذا لسنا فقط أمام قبح كفى، التي سمّاها أبوها هكذا، لتكون خاتمة الفتيات في عائلته. نحن أمام نظرتها إلى نفسها وعلاقتها بعالمها، قبحها هو اسم آخر لها.
تكتب البطلة روايتها الأهمّ وهي تقاوم بين فكّي إصابتها بالسرطان
لكن ما حدث، بعد ذلك لم يغيّر فيه، لقد جاءها عريس في الثالثة عشرة، جاء إليها هي، الأقلّ جمالاً من أختيها. تزوّجت لكن زواجها كان طرداً لها من العائلة، طرداً إلى بيت لم يرحّب بها، وبقيت فيه غريبة. هذا ما أعادها إلى قبحها، خاصة عندما تكتشف صديقتها الأولى وربما الوحيدة، في سرير زوجها. إنها ثانية القصة نفسها، لا يبالي الزوج بها ولا يبالي بطفلها منه، ويخونها تحت عينيها. إنها ذات العقوبة، لقد
ارسال الخبر الى: