كيف حول الحوثيون المساعدات الإنسانية إلى أداة للشرعية والسيطرة

في الثاني من سبتمبر 2025، وبعد أربعة أيام فقط من الغارات الإسرائيلية التي أودت بحياة أحمد الرحوي واثني عشر من أعضاء حكومة الحوثيين في اليمن، التقت رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمسؤول في وزارة خارجية الحوثيين في صنعاء. ووفقًا لوكالة الأنباء الحوثية “سبأ”، قدّمت المسؤولة الدولية تعازيها في “الجريمة التي ارتكبها الكيان الصهيوني،” وأبدت “تضامنها” مع اليمن، مؤكدة أن خطط اللجنة لتقديم المساعدات لن تتأثر.
ورغم أن اللغة التي نسبها الإعلام الحوثي إلى المسؤولة الدولية لا تبدو دقيقة، فإن اللجنة لم تستطع نفيها علنًا، لأن أي اعتراض صريح على رواية الحوثيين قد يؤدي إلى فقدان حق الوصول إلى المناطق التي يسيطرون عليها، ويعرّض موظفيها للخطر، بل ربما يؤدي إلى إغلاق مكاتبها بالكامل في شمال اليمن، حيث يعيش نحو ثلثي السكان.
وهكذا تحوّل هذا اللقاء إلى مادة دعائية في الإعلام الحوثي، تُقدَّم كدليل على “اعتراف دولي بشرعية سلطتهم،” وكسلاح جديد يوظفونه لتعزيز حضورهم المحلي والدولي.
وتقول الباحثة فاطمة أبوالأسرار في تقرير نشره معهد الشرق الأوسط إنه لطالما كان الافتراض السائد أن بقاء الحوثيين رهين بانتصاراتهم العسكرية والدعم الإيراني. لكن الواقع أكثر تعقيدا؛ فإلى جانب السلاح والتمويل أدركت الجماعة مبكرا أن الانخراط الدولي نفسه يمكن أن يكون أداة إستراتيجية للبقاء.
وحوّل الحوثيون المساعدات الإنسانية من وسيلة لإنقاذ الأرواح إلى أداة لبناء الشرعية، والسيطرة السياسية، وتثبيت حكمهم في المناطق التي يسيطرون عليها.
وفي عام 2018، عندما كانت القوات الحكومية تستعد لاستعادة ميناء الحديدة من أيدي الحوثيين، تدخل المجتمع الدولي محذرا من كارثة إنسانية محتملة ومن تدمير الميناء الذي يمثل شريان حياة لليمنيين.
وأدت الضغوط آنذاك إلى توقيع اتفاق ستوكهولم، الذي فرض وقفا لإطلاق النار كرّس عمليا سيطرة الحوثيين على المدينة والميناء. لكن المفارقة أن الميناء دُمّر لاحقا جراء غارات إسرائيلية، بعدما استخدمه الحوثيون لإطلاق أكثر من 130 هجوما على سفن في البحر الأحمر.
وبذلك منع المجتمع الدولي تدمير الميناء عندما كان يمكن تحريره، ليُدمّر لاحقا على شروط الحوثيين أنفسهم.
وكانت تلك أولى
ارسال الخبر الى: