الحكمة المزيفة بين تعطيل الإرادة وشرعنة الاستسلام

36 مشاهدة

لم تكن تسريبات مكالمات علي صالح الأخيرة مفاجئة بالنسبة لي، فنظامه لا يختلف كثيراً عن العديد من أنظمة المنطقة التي تعاملت مع القضية الفلسطينية بوجهين : وجه ظاهري للاستهلاك الشعبي ولكي يحافظ الحكام على صورة الفارس الزعيم المغوار، وهناك وجه باطني تعامل فيه الحكام مع القضية الفلسطينية كورقة مساومات أو كأسهم بنكية في بورصة المزايدات، كان أشرفهم ـ مع أنه لا شرف في هذا التعامل ـ يوظفها باسم مصلحة وطنه وشعبه، وعلي صالح ليس من هذا النوع مطلقاً، حيث درج على توظيف كل شيء لمصالحه الشخصية، وفي إحدى مقابلات رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها السابق قالها بوضوح ” علي صالح قبض ” والحديث كان يدور حول شراء موقف اليمن الرسمي تم طرحه في إحدى القمم العربية.
لكن ما أريد طرحه هنا، هو خطورة مكالمته مع خالد مشعل والتي سمعناها تتردد كثيراً منذُ عامين، وكثير من النخب سواء السياسية أو الثقافية رددت هذه الخطاب الإنهزامي، وعليه سأحاول تفكيكه.
إشكالية الخطاب النخبوي
في كثير من الصراعات بين المستضعفين والظالمين عبر التاريخ تشهد ظاهرة سجلات فكرية متكررة، حيث تنتج بعض النخب (سواءً السياسية أو الثقافية) خطاباً يُلبس ثوب ” الحكمة ” و” الواقعية “، داعياً المظلومين والمستضعفين إلى كبح جماح مقاومتهم، بحجة الفارق الهائل في موازين القوة مع الظالم.
وهذا الطرح، وإن بدا ظاهرياً نابعاً من حرص على دماء الناس ومصالحهم، فإنه يحمل في أحشائه بذور التثبيط والتطويع، ويمنح – عن قصد وعن غير قصد أحياناً – شرعيةً مستمرة للطغيان.
ومن أجل تفكيك المقولة وتعرية الخلفيات سوف ننظر لها من ثلاث زوايا شرعية وهي كالآتي:
أولاً: التمييز بين الحكمة والاستسلام في الميزان القرآني:
ـ القرآن الكريم لم يلغِ مبدأ المواجهة ورفع الظلم بحجة ” الحكمة “، بل رسم لها إطاراً شاملاً يجمع بين العقلانية والتخطيط والشجاعة.
ـ آية التمكين والاستطاعة: يقول الله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ [الأنفال: 60]. لاحظ أن الأمر جاء

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع صحيفة الثورة صنعاء لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح