الحروب الأهلية وارتفاع معدلات الجريمة
على مدار السنوات الماضية خرجت جثث كثيرة من سجون الحوثيين في صنعاء بعد تعذيب وحشي، كما خرجت جثث أخرى ومشاهد مروعة مختلفة أنتجتها جماعات مسلحة في مناطق أخرى من البلاد، والشأن ذاته، وربما أكثر ترويعاً في بلدان عربية أخرى، وعلى وجه الخصوص تلك التي مرت بحالات من الصراع والحروب الأهلية، في العراق وسوريا والسودان وليبيا. وخلال أكثر من عقد من الزمان دمرت الحروب والصراعات القيم المجتمعية: دينية وأخلاقية، حيث ظهرت مع الحروب ـ وبسببها ـ جرائم لم يكن الناس يتصورون وقوعها، وأنتجت جماعات العنف السياسي والأيديولوجي نوعاً من العنف الاجتماعي المنفلت، وحاول الكثير من القتلة الجنائيين محاكاة نظرائهم من القتلة في المليشيات المسلحة التي أفرزتها الظروف التي أفرزت الصراع بين «ثوار الربيع العربي» والأنظمة في عدد من البلدان العربية.
ومع مرّ السنوات رأينا مشاهد لحرق الناس ودفنهم أحياء، وأخرى لثقب رؤوسهم بالمثقاب، ناهيك عن حالات تعذيب وضرب حتى الموت، في سجون أنظمة وميليشيات مختلفة، وغيرها من جرائم العنف السياسي والعسكري والطائفي التي ولدت ـ بدورها ـ جرائم جنائية مروعة من مثل قتل أب لأبنائه، أو قتل زوجة لزوجها، أو أخ لأخيه، وما هو أدهى من ذلك، عندما يقتل الابن أباه أو أمه، في سوابق لم تكن ترد حتى في خيال المنتجين السينمائيين في منطقتنا العربية.
وقد فتحت الجرائم ذات الصبغة السياسية الباب لجرائم أخرى مروعة ليس لها طابع سياسي، بفعل سماع ورؤية الأخبار والمشاهد التي أنتجتها سجون الميليشات والأنظمة والجماعات المتطرفة المختلفة خلال العقد الماضي، الأمر الذي ولد جرائم أخرى بشعة ذات طابع اجتماعي جنائي، كما ذكرنا أعلاه. وقد بدأت القصة في البلدان الموبوءة بتلك الجرائم بصراع سياسي ظل يراكم الاحتقانات إلى أن تحول إلى صراع عسكري مسلح، وعندها خرجت الشياطين من أقبيتها واندلعت ألسنة اللهب، وبدأت عسكرة المجتمعات، حيث رأينا المعلمين والموظفين والمدنيين يحملون السلاح ويصبحون زعماء حرب، وبدأت تدريجياً عمليات متسقة لتكريس العنف، وإضفاء الطوابع القيمية عليه، إلى أن تحول المجتمع أو شرائح واسعة فيه إلى ميليشيات مقاتلة
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على