الحركة الإصلاحية عند العلويين من العشيرة إلى المجتمع
يأتي كتاب الحركة الإصلاحية عند العلويين.. من خلال قراءة تراجم شيوخهم في القرن التاسع عشر - مقاربة بروسبوغرافية الذي صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات للباحث السوري إياس أحمد حسن، في سياق دراسة عصر النهضة العربية. الكتاب يعتمد على السيرة الجماعية، ويبحث في أنماط العلاقات والبنى ضمن الطائفة، وما يرسم محدّداتها ولحظات تطوّرها، منذ بدايات القرن التاسع عشر، وصولاً إلى الانتداب الفرنسي.
مع إشارة الباحث إلى غياب المرجعية الدينية عند هذه الطائفة، يستخدم السير الجماعية للشيوخ بكونها ظواهر اجتماعية ثقافية، ويقرأ في خمسة فصول حالة الانعزال التي دفعت المستشرقين الأوروبيين إلى وصف الطائفة بـاللغز الآسيوي.
يظهر في الفصل الأول رئاسة الشيوخ والنموذج القدوة، جمعهم للسلطة الروحية الدينية، والسلطة الزمنية التي تتمثل بحل النزاعات، وملء حيز اجتماعي كانت تتنازعه العشيرة، والمقدمون. ويتابع عرض إسهاماتهم الإصلاحية في الفصل الثاني تفكيك الخرافات في ثلاث نقاط أساسية، هي ميلهم إلى المعرفة، وقبولهم الأعمال اليدوية، وأخيراً تعليم بعضهم لبناته القراءة والكتابة.
يقدم حسن بحثه بالتشديد على اختيار السير من أصحاب الفضيلة الفلسفية، وهم شيوخ رفضوا التقليد، كذلك لا يدّعي الباحث أن المشايخ كلُّ متجانس، إنما يراهم مثل أي فئة اجتماعية - ثقافية. ويختار تراجمه وفقاً لشهرتهم وتأثيرهم، ووفقاً لمشاركتهم في التغيير والإصلاح.
في السياق الإصلاحي التغييري، يشير في الفصل الثالث العلم والتعليم إلى أن أول مدرسة في القرى كانت في بيت أحد الشيوخ، في منتصف القرن التاسع عشر. وقد سبقت قدوم المدارس التبشيرية، إلى جانب أن أهالي إحدى القرى جمعوا المال، كي يبنوا مدرسة تعطي علوم العصر، لا التربية الدينية فحسب. وكانت هذه الجهود بداية الخروج من العشيرة والطائفة، إلى المجتمع.
في الفصل الرابع النهضة اللغوية والأدبية يشير إلى الانتماء إلى الفضاء العربي مع وصول دوريات الهلال والمقتطف منتصف القرن التاسع عشر. كذلك بدأ بعض الشيوخ يضعون شروحات لدواوينهم التي تضمنت الهمّ الاجتماعي. وقبل ذلك، كانوا يعانون من أخطاء النسخ؛ تفصيل يضعه الباحث في مجال أوسع باقتباسه عن بطرس البستاني عام 1859،
ارسال الخبر الى: