الحرف العراقية ذاكرة يحن إليها الآباء ويودعها الأبناء
يتحدث حرفيّون عراقيّون قدامى بوجع يشبه حنينهم إلى زمنٍ كانت فيه المهنة تُورَّث مثلما يُورَّث الاسم، لكن اليوم تغيّر كل شيء، فجيل الأبناء يرى أن التعليم والوظيفة المكتبية طريق المكانة، بينما تحوّلت الورش إلى رموز لماضٍ يودّ كثيرون نسيانه.
مهن مثل الإسكافي، ودباغ الجلود، وصانع الكوز والفخاريات، وجامع الملح وغيرها، لم تعد تستهوي الأبناء، بين مَن يعتبرها مَعيبة أو تنطوي على تقليلٍ للشأن، ومن يرى أن التطور التكنولوجي هو ما دفع إلى اندثارها. لتضيع ذاكرة مهنٍ شكّلت تاريخ المدن العراقية. ورغم أن التغيّر الاجتماعي والاقتصادي يشكل جزءاً من تطور الزمن، لكن تراجع بعض المهن المعروفة ترك أثراً عميقاً، نظراً إلى ارتباطها بالماضي القريب، ولعلاقتها الوثيقة بحياة الناس.
الضوضاء ترهق الأحياء السكنية في العراق
يعود محل مهدي أبو فراس لتصليح الدراجات الهوائية الواقع في منطقة الميدان بالعاصمة بغداد إلى عام 1972، ويقول إنّه افتتح محله حين كان عمره 20 سنة، بعد أن تعلم المهنة من والده، ويقول لـالعربي الجديد، إن تلك المهنة كانت كل حياته، فقد مكّنته من امتلاك منزل وبناء أسرة، ومثلما تعلّم المهنة من والده، كان يتوقع أن يرثها أولاده الأربعة، لكن كل واحد منهم شقّ طريقه بعيداً. يقولون إنّ العمل في تصليح الدراجات معيبٌ بالنسبة لهم بعد أن ضمنوا وظائف جيدة.
في حي آخر من بغداد، يمارس عادل الربيعي (62 سنة) مهنة تصليح المواقد والمدافئ، وهي المهنة التي يختزلها بكونها مهنة العائلة. لكن المهنة المتوارثة يبدو أنها انتهت داخل أسرة الربيعي، والذي يقول لـالعربي الجديد: منذ أن كان أولادي صغاراً وهم يعملون في المحل، ويعرفون أسرار المهنة، لكن بعد تخرجهم من الجامعات، اختار كل منهم طريقه بعيداً عنها. ابني الكبير يشكو من أنها مهنة متعبة ومردودها قليل، وأن العالم تطور، ولم يعد المواطنون يعتمدون هذا النوع من المواقد والمدافئ، أما أولادي الثلاثة الآخرون فبات لكل منهم وظيفة في شركات حكومية، ويرون في ممارسة هذه المهنة إحراجاً أمام أصدقائهم.
وعلى الرغم من أن مهدي
ارسال الخبر الى: