الحرب على غزة من فجر شرم الشيخ إلى امتحان ما بعد الصمود
الحرب على غزة.. من فجرِ شرم الشيخ إلى امتحانِ ما بعد الصمود
لم تكن مجرّد مواجهة عسكرية؛ كانت امتحاناً لإرادة شعب بأكمله. وعلى امتداد عامين من الدم والنار، أثبتت فصائل المقاومة أنها ليست جموع مقاتلين متفرّقين، بل هي جيش منظّم بالعزم والإيمان.
كأنّ غزة تخرج من ليل حالك لتلمح فجراً متردّد الضوء؛ اتفاقٌ في شرم الشيخ يضع حدّاً للعدوان، يفتح أبواب تبادل الأسرى والجثامين، ويعيد شريان المساعدات إلى جسد أُنهك عامين كاملين تحت نيران حرب إبادة.
لحظةٌ نادرة يستحقّ فيها الفلسطيني أن يتنفّس الحرية، ويستحقّ فيها العرب أن يبتسموا بعد طول بكاء، فهي ثمرة جهدٍ دبلوماسي مضنٍ، ونافذة أملٍ في جدار الدم. فرحةٌ تعيد إلينا إنسانيتنا، وتذكّرنا أنّ الدم يمكن أن يتوقّف، ولو إلى حين.
عامان يشبهان قرناً
خلال عامين من حرب الإبادة انهارت أحياءٌ بأكملها، وتفاقمت المجاعة والأوبئة، ووثّقت الأمم المتحدة عشرات الآلاف من الضحايا وموجات نزوح كارثية، مع تقديرات صادمة لسوء التغذية الحادّ بين الأطفال.
إنه صمودٌ ضدّ الفناء: أناسٌ يصنعون الحياة تحت الركام. هذه الخلفية الأخلاقية والإنسانية هي التي تمنح أيّ اتفاقٍ قيمته ومعناه.
من التكتيك إلى السياسة
لم تكن مجرّد مواجهة عسكرية؛ كانت امتحاناً لإرادة شعب بأكمله. وعلى امتداد عامين من الدم والنار، أثبتت فصائل المقاومة أنها ليست جموع مقاتلين متفرّقين، بل هي جيش منظّم بالعزم والإيمان، استطاع أن يفرض معادلاته رغم تفوّق العدو الصهيوني في الجو والتكنولوجيا.
بنيرانٍ لم تنطفئ، وبمناورات أربكت قادة الأركان في “تل أبيب”، وبأنفاقٍ تحوّلت إلى شرايين حياة في قلب الأرض المحاصرة، حافظت المقاومة على زمام المبادرة حتى اللحظة الأخيرة.
لكنّ البطولة لم تتوقّف عند حدود الميدان؛ ففي الساعات الحاسمة، ارتقت المقاومة إلى مستوى السياسة الواعية: قدّمت قوائم الأسرى، قبلت بمرحلة أولى مشروطة بآليات تنفيذ دقيقة وجدول زمني واضح، وأدارت التفاوض بعقلٍ بارد لا يقلّ صلابة عن البندقية. ولم تكن حماس وحدها في هذا الميدان، بل تشارك القرار مع رفقاء الدرب: الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، في صورة تجسّد وحدة الدم والمصير.
ارسال الخبر الى: