الحرب على غزة تكشف فقر الجامعات العربية والإسلامية
٦٩ مشاهدة
فقر متعدد الأبعاد تعانيه الجامعات في الدول العربية والإسلامية كشفت عنه حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل على غزة منذ ما يقرب من تسعة أشهر تحت سمع وبصر العالم وفي ظل انحياز ودعم كاملين من أميركا ودول غربية لصالح ما تمارسه دولة الاحتلال من حرب إجرامية في غزة أبعاد الفقر الذي تعانيه الجامعات في الدول العربية والإسلامية تمثل في حالة الصمت شبه المطبق الذي عم تلك الجامعات فلم تتحرك الشبيبة الطلابية لتعبر عن غضبها تجاه الممارسات الإسرائيلية من قتل الأطفال والنساء وهدم البيوت وتجريف الزرع وغيرها من سياسة الأرض المحروقة في غزة بينما جامعات عدة في أميركا وأوروبا وآسيا خرج طلابها في مظاهرات احتجاجية تعددت مظاهرها لتعكس صورة كاشفة لزيف الإعلام الصهيوني والأميركي وأحدثت مظاهرات طلاب الجامعات بأميركا والغرب حالة من الحراك السياسي الداخلي بهذه الدول كان من نتيجته إحداث حالة من الوعي بالقضية الفلسطينية لدى جزء كبير من شعوب هذه الدول ولم يكن حراك الجامعات قاصرا على الطلاب بل شمل الأساتذة وتصاعد الحراك ببعض الجامعات إلى أن طالب بعض الأساتذة بسحب الثقة من تولي نعمت شفيق رئاسة جامعة كولومبيا وقد شارك الأساتذة الطلاب في مطالبهم الاحتجاجية سواء على ممارسات إسرائيل أو تقديم الدعم الأميركي لها أو وجود استثمارات لتلك الجامعات في إسرائيل أو في شركات تدعم إسرائيل ومن الأبعاد الأخرى التي أظهرت فقر الجامعات العربية والإسلامية حديث طلاب أميركا عن استثمارات جامعاتهم وأنه لا بد من عدم مساهمتها في دعم اقتصاد دولة تمارس القتل والإبادة وهنا يكمن الشاهد محل مقارنة الجامعات في الدول العربية والإسلامية من جهة وجامعات أميركا والغرب من جهة أخرى للأسف الجامعات في الدول العربية والإسلامية تعتمد بشكل رئيس على التمويل الحكومي والذي عادة ما يكون غير كاف ويقتصر بنسبة كبيرة على رواتب الأساتذة والكوادر الإدارية المساعدة وقلما تجد جامعة لديها وقفا يمكنها من خلاله أن تنفق على أبحاثها العلمية أو يمكنها توظيفه بشكل أكبر في استثمارات خارجية تدر عليها ربحا أفضل تستطيع من خلاله الاستمرار في أداء رسالتها حتى الجامعات في الدول العربية والإسلامية التي أنشئت في بداية القرن العشرين أو أواخر القرن التاسع عشر وكانت لها أوقاف تساعد في استقرار قرارها العلمي والإداري والسياسي سيطرت عليها حكومات ما بعد النصف الأول من القرن العشرين بما يضمن تجريد هذه الجامعات من أي موارد مالية ذاتية وبما يجعل تلك الجامعات في حالة تبعية حتمية للحكومات بينما الأخبار التي حملتها لنا العديد من وكالات الأنباء ووسائل الإعلام عن استثمارات الجامعات الأميركية التي شهدت احتجاجات على الحرب الإسرائيلية على غزة وتمسك طلابها بسحب استثمارات جامعاتهم من الشركات الإسرائيلية أو الشركات الداعمة لإسرائيل كانت بحدود ألف مليار دولار مثلا جامعة كاليفورنيا لديها أصول مالية تقدر بنحو 175 مليار دولار توظف 20 منها في إسرائيل أو شركات داعمة لدولة الاحتلال وكذلك جامعة كولومبيا لديها استثمارات بنحو 32 مليار دولار منها نسبة أقل من 10 مستثمرة في إسرائيل أو شركات داعمة لها أما جامعة هارفارد التي تعتبر نموذجا بارزا للاستثمار الوقفي في تمويل الجامعات فلديها استثمارات تزيد عن 50 مليار دولار ويلاحظ أن استثمارات جامعات أميركا لدى إسرائيل أو الشركات الداعمة لها تتركز في مجال السلاح والتكنولوجيا وهي أمور مهمة جدا ليس فقط لعائدها المالي ولكن لدورها في تطوير التكنولوجيا في إسرائيل وكذلك امتلاكها أحدث الأسلحة ينقلنا واقع الاستثمارات في الجامعات الأميركية إلى أسئلة مهمة تتعلق بحالة الفقر والتخلف التي تعيشها جامعاتنا وإن كانت الجامعات الأميركية لا تعتمد فقط على التمويل الوقفي أو التبرعات ولكنها تحصل كذلك على دعم حكومي على الجانب الآخر فالجامعات العربية والإسلامية مكبلة بقوانين للتصرف فيما يتكون لديها من فوائض مالية بأن تلزم هذه الجامعات باستثمار تلك الفوائض إن تحققت في أذون وسندات الحكومات وعلى كل يمكننا أن نسأل كم من الجامعات العربية والإسلامية تعلن عما لديها من أصول مالية وما هو موقف صناديقها الاستثمارية إن وجدت وكيف يتم التصرف فيها أو في الأرباح التي تتحصل عليها أذكر أن تجربة إحدى الجامعات في دولة عربية كان لها نشاط تجاري في عسل النحل وتم القبض على رئيس الجامعة الذي روج لمشروع العسل بجامعته بقضية فساد كبيرة وبين مشروعات العسل أو الأمن الغذائية أو مشروعات التعليم المفتوح نجد استثمارات الجامعات الأميركية والغربية في مجال التكنولوجيا والسلاح هل تمتلك إحدى الجامعات العربية والإسلامية استثمارات تؤثر كما ونوعا على مقدرات دول أو شركات كما هو واقع الجامعات الأميركية لنتخيل لو أن إحدى الجامعات العربية والإسلامية تمتلك استثمارات بمليارات الدولارات في دولة أو شركة لها موقف معاد لدولة إسلامية وبخاصة إذا كانت هذه الاستثمارات في مجالات السلاح والتكنولوجيا بلا شك أن وجود مثل هذه الحالة يمثل ورقة ضغط قوية يمكنها إحداث تغيير حقيقي في واقع السياسة والحرب فحسب احصاءات عام 2021 فإن العالم العربي يمتلك 1340 جامعة وهو عدد يمثل نسبة تقترب من 50 من جامعات أميركا بغض النظر عن العدد فإن الكيف في هذا المضمار هو المعول عليه فالجامعة يجب أن تكون ثرية ماديا وعلميا حتى تمثل مركز ثقل في محيطها الجغرافي القطري بل والإقليمي والعالمي ورأينا الواقع المر في الجامعات العربية والإسلامية من حيث عزلها عن الشركات وقطاعي الصناعة والزراعة فلا يوجد رابط بين تلك الجامعات والاحتياجات العلمية لتطوير إنتاج قطاعات استراتيجية مثل الصناعة والزراعة فغالبية هذه القطاعات تعتمد على استيراد احتياجاتها من مستلزمات الإنتاج أو من العدد والآلات وقطع الغيار ومن هنا تكرس الفقر المالي والعلمي بالجامعات العربية والإسلامية حتى أن خريجي هذه الجامعات يعانون من قلة فرص التدريب في سنواتهم النهائية عندما تشترط بعض الكليات خضوع خريجيها لبرامج تدريبية بالشركات إن الفقر المالي والعلمي الذي تعانيه الجامعات العربية والإسلامية للأسف صاحبه فقر في رأس المال البشري من حيث التفاعل السياسي وربط الشباب واهتماماتهم بالبيئة السياسية وتأصيل قضايا الأمن القومي في نفوسهم نعم قد يكون لدى شباب الجامعات الرغبة الكبيرة للمشاركة ولكن سياسة البطش والاستبداد التي تمارسها الحكومات في المحيطين العربي والإسلامي جعلت شباب الجامعات شبه معزولين عن واقع أمتهم وقضاياها فأنى لنا بمقارنتهم بما كان عليه أداء الطلاب في أميركا والغرب لا نحسب أن الجامعات العربية والإسلامية تعيش حالة اختيارية من جعلها مجرد أبنية بلا دور ولكن سياسة الإفقار التي تتبعها الحكومات خلقت هذا الواقع المرير فهي حكومات لا تعرف الأثر الممتد لدور الجامعات في إطار القوى الناعمة سواء على الصعيد العلمي أو المالي فالنظم الاستبدادية العربية والإسلامية تعتمد سياسة السيطرة على مقدرات السلطة والثروة ومنع مؤسسات المجتمع من أن يكون لديها من الثروة أو السلطة أو الاثنين معا ما يمكنها من ممارسة دور تكون نتيجته محاسبة الطلاب للأساتذة وكيفية إدارة الجامعة وبالتالي محاسبة الحكام