الحرب تشتت الصحافيين السودانيين في القارة الأفريقية
٣٠ مشاهدة
منذ اندلاع الصراع في السودان في 15 إبريل نيسان 2023 بين الجيش النظامي بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان والقوات شبه العسكرية التابعة لقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول حميدتي تزايدت بشكل حاد التهديدات والاعتداءات والانتهاكات ضد الصحافيين السودانيين ما دفع الكثيرين منهم للجوء إلى الدول المجاورة وفقد معظمهم وظائفهم وكانت الاشتباكات بين الطرفين قد انفجرت في إبريل 2023 وتحولت إلى صراع مسلح في قلب العاصمة الخرطوم قبل أن يمتد إلى جميع أنحاء البلاد أدى ذلك إلى نزوح أكثر من 8 5 ملايين شخص من منازلهم فيما يحتاج قرابة 25 مليون شخص أي قرابة نصف المواطنين إلى مساعدات إنسانية في ظل انهيار شبكات إنتاج وتوزيع الغذاء وانعدام الأمن الصحافي محمد الجيلي كان في الخرطوم حين اندلعت الاشتباكات فغادرها غاضبا وآسفا متجها إلى مسقط رأسه في ولاية الجزيرة وسط البلاد حيث وصلت إليها الحرب في ديسمبر كانون الأول الماضي بقي هناك شهورا عدة رغم الخوف والقلق وغياب الخدمات الضرورية قبل أن يقرر المغادرة مجددا عمل الجيلي في المملكة العربية السعودية لسبع سنوات قبل عودته إلى السودان بعد تفشي وباء كوفيد 19 وواصل عمله الصحافي متعاونا مع جهات نشر سعودية وكان يتقاضى راتبا يكفيه هو وأسرته عقب اندلاع الحرب ترك الخرطوم واتجه إلى منطقة الماطوري في ولاية الجزيرة حيث مكث 10 شهور لكن شبكة الاتصالات انقطعت فتوقف عمله ومصدر رزقه واعتمد طوال الفترة الماضية على إخوانه في بلاد المهجر الذين يرسلون له ما يعينه على الحياة وتكاليفها قرر الخروج من السودان وبدأ رحلته من منطقة الماطوري مرورا بعدد كبير من المدن منها ربك وسنار وسنجة وكسلا وهيا وعطبرة وكريمة ومروي ودنقلا ومنطقة المثلث ومنها عبر الصحراء لمدينة الكفرة الليبية ومعه كثير من الأسر الهاربة من جحيم الحرب يقول الجيلي لـالعربي الجديد عبر الهاتف إنه اختار ليبيا أملا بالحصول على وظيفة لكن أمله الأكبر هو أن تتوقف آلة الحرب لتكون آخر الحروب ويعم السلام ربوع البلاد وأن يعود هو وغيره من اللاجئين إلى ديارهم ويعود الجيش إلى ثكناته وتحل كل المليشيات وتشكل حكومة مدنية ويصبح فيها المناخ موات لعمل الصحافيين وفقا لنقابة الصحافيين السودانيين فإن الحرب في السودان أجبرت مئات الصحافيين والصحافيات على مغادرة مناطق النزاع المسلح ثم الوطن بحثا عن الأمان وتحاصرهم اتهامات التخوين والموالاة لهذا الطرف أو ذاك وهم مهددون بالاحتجاز والاعتقال التعسفي أو الإخفاء القسري أو الموت وفقا لمزاج طرفي الصراع فيما تواجه الصحافيات أخطارا أكبر بسبب العنف القائم على النوع وأفادت النقابة بأن العنف الموجه ضد المدنيين عامة والصحافيين خاصة أدت إلى تقلص أعداد الصحافيين السودانيين الموجودين في المدن والولايات التي شهدت اشتباكات ما فرض حالة من التعتيم الإعلامي إذ تناقص عدد الصحافيين في العاصمة الخرطوم إلى أقل من مائة صحافي وصحافية بينما لا يتجاوز عدد الصحافيين السودانيين الموجودين في ولايات دارفور 60 صحافيا وأقل من 20 آخرين في ولاية الجزيرة والأمر نفسه ينسحب على ولايات كردفان إلى مصر الجارة الشمالية للسودان لجأ أكثر من 250 صحافيا سودانيا ويقول سكرتير العلاقات الخارجية في نقابة الصحافيين طاهر المعتصم المقيم حاليا في القاهرة إن النقابة سجلت أكثر من مائة صحافي فيها لجأوا إلى مصر وهناك مثلهم لم يسجلوا ضمن كشوفات النقابة وأن مشكلات تواجههم هناك ككل اللاجئين السودانيين ويوضح المعتصم لـالعربي الجديد أن عشرة صحافيين على الأكثر فقط هم الذين يعملون هناك بينما يواجه الآخرون البطالة ولا يتلقون مساعدات من أي جهة ويقول إن نقابة الصحافيين تمكنت من المساعدة في تخفيض فاتورة العلاج للصحافيين وأسرهم وذلك بالاتفاق مع بعض المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات الخاصة والأطباء السودانيين والمصريين كما أن بطاقة عضوية النقابة توفر نوعا من الحماية للصحافي والصحافية أما الصحافي عمار حسن فكانت وجهته دولة أوغندا قبل ثلاثة شهور هربا من القتال الدائر وكان قد مكث ثمانية شهور في الخرطوم ومع تصاعد وتيرة المعارك وانقطاع شبكات الاتصالات وتردي الخدمات توجه إلى بورتسودان شرق البلاد للاستقرار هناك لكن بعد ثلاثة أشهر قرر المغادرة إلى أوغندا بسبب الكلفة العالية لأسعار الإيجارات وغلاء المعيشة في بورتسودان التي تحولت بعد معارك الخرطوم إلى عاصمة إدارية يقول حسن لـالعربي الجديد إنه صدم في أوغندا بواقع صعب فإيجار العقار أو السكن يبدأ من 150 دولارا شهريا والمعيشة تكلف المبلغ نفسه والشخص الواحد يحتاج لما بين 400 و500 دولار في الشهر الواحد وهو مبلغ يصعب تدبيره مع حالة العطالة التي يعاني منها معظم الصحافيين السودانيين هناك الذين يزيد عددهم عن المائة صحافي ويضيف حسن أن معظم الصحافيين السودانيين في أوغندا يعانون من البطالة إذ فقد معظمهم وظائفهم جراء إغلاق الصحف والقنوات الفضائية والإذاعات ومعظمهم يعيشون على مدخراتهم أو بمساعدة عائلاتهم وأقربائهم مبينا أن بعضهم آثر العودة إلى البلاد رغم الأخطار كلها أمل محمد الحسن وهي صحافية تعمل في صحيفة التغيير اختارت التوجه إلى العاصمة الكينية نيروبي حيث سبقها إليها عدد من زملائها ذهبت عبر رحلة برية من مدينة دنقلا شمال السودان إلى عطبرة ومنها لكسلا ثم للقضارف ووصلت إلى مطار مدينة قندر حيث استقلت الطائرة لأديس أبابا ومنها إلى نيروبي وتصرح الحسن لـالعربي الجديد بأن رحلتها كانت شاقة ومقلقة ومكلفة وخطيرة وفي نيروبي وجدت في البداية مشكلات تتعلق بالاستقرار والإيجار وإجراءات الإقامة وايجاد مدارس للأبناء لمواصلة تعليمهم وتوضح الحسن أن هناك نحو 30 صحافيا سودانيا في كينيا بعضهم فضل العيش خارج نيروبي بسبب الغلاء وبعضهم يعاني من البطالة كما يواجه البعض الآخر مشاكل اللغة وتفيد بأن البعض أسسوا مشاريع اقتصادية صغيرة لا سيما من لديهم خبرة سابقة في كينيا وتضيف الحسن أن نيروبي هي مركز لدول شرق أفريقيا وكل المنظمات الدولية لديها مقار فيها وقد بادرت بعض هذه المنظمات إلى مساعدة الصحافيين من خلال دورات تدريبية مكثفة في مجال تطوير المهارات وبعضها تبنت إنتاج مواد صحافية كما وجدت المجموعات من صناع الأفلام تمويلا من جهات عدة أما الصحافي أحمد يونس فكانت وجهته وآخرين لإثيوبيا لأنها كما يقول لـالعربي الجديد الأقرب لمكان نزوحه الأول هربا من الحرب ولسهولة الدخول إليها وللتقارب بين الشعبين السوداني والإثيوبي ويقدر عدد الصحافيين اللاجئين لإثيوبيا بنحو عشرة ويبين أحمد يونس أن المشكلات التي تواجه الصحافيين السودانيين في إثيوبيا تتمثل في صعوبة الحصول على تراخيص العمل والإقامة وأن أكثر مشكلة تواجه السودانيين الذين دخلوا بفيزا سياحة هي رسوم الإقامة الشهرية البالغة 100 دولار مع أن السلطات الإثيوبية أعفت السودانيين من رسوم الإقامة ثلاثة شهور ثم جددتها لشهرين إضافيين ويشير يونس إلى أن معظم الزملاء الموجودين في إثيوبيا يعملون مراسلين لمؤسسات دولية يذكر أن السودان احتل المركز 149 من أصل 180 بلدا في مؤشر حرية الصحافة لعام 2024 الذي تعده منظمة مراسلون بلا حدود