في أكتوبر تشرين الأول 2024 وبعد تلقي قواته هزيمة كبيرة في منطقة جبل مويا الاستراتيجية أعلن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي الانتقال إلى ما أسماها الخطة ب لم تمنع هذه الخطة تقدم الجيش السوداني وتحرير ولاية الجزيرة ثم العاصمة الخرطوم من قبضة الدعم السريع وما عادت للمليشيا اليد العليا في العمليات العسكرية كما كانت في السابق لكن ما ظهر أن الخطة كانت أولا انقسام القوى السياسية المدنية إذ قررت مجموعة منها الدخول في تحالف مع الدعم السريع في محاولة لمنحها شرعية سياسية بعد أن بدأت تفقد سيطرتها على الأرض ثم توحش الهجمات على المنشآت المدنية بالطائرات المسيرة الحديثة واجه التحالف السياسي الذي أعلن في نيروبي فبراير شباط الماضي تحذيرات دولية وإقليمية صارمة من محاولة إعلان حكومة موازية للسلطة العسكرية في بورتسودان لكن هذه التحذيرات لم تمنع التحالف المكون على عجل من مواصلة خطوات تشكيل الحكومة لكنها جعلت خطواته أبطأ ما أتاح حسب ما تذكر مصادر إعادة فتح قنوات التواصل بين الطرفين المتقاتلين رغم النفي الرسمي من قوات الدعم السريع وعدم وضوح موقف الجيش إلا أن هناك حديث يدور عن تفاوض غير معلن مماثل لما جرى في المنامة في يناير كانون الثاني 2024 لكن هذه المرة يضغط على طرفي النزاع لقبول وقف إطلاق نار وتجميد الوضع العسكري مع السماح بدخول المساعدات الإنسانية تؤجل هذه الخطوة أي حديث عن عملية سياسية أو عملية سلام شاملة إلى مرحلة لاحقة تقررها الأوضاع قد لا تكون هذه التسريبات دقيقة بالضرورة لكنها لا تناقض الواقع الذي يقول إن القوى الدولية والإقليمية أصبحت تراهن على اتفاق بين الطرفين المسلحين مع استبعاد أي دور للقوى المدنية التي فقدت كثيرا جدا من شعبيتها وانعدم تأثيرها على الأرض ربما يفسر هذا الرهان على الاتفاق العسكري العسكري كثافة هجمات الدعم السريع على مرافق الكهرباء والميناء في العاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان فعملية الانهاك وتحويل البلاد أرضا غير صالحة للحياة هما من أساليب الدعم السريع وقبله قوات حرس الحدود في مواجهة قبائل دارفور غير العربية تحاول الدعم السريع مع تراجعها العسكري في جميع محاور القتال تقريبا أن تستنزف مقومات الحياة في المناطق التي يسيطر عليها الجيش ما يشكل ضغطا إضافيا على الأداء الحكومي المتعثر والتحالف العسكري المتشاكس المؤسف أن خيار تجميد الأوضاع العسكرية يبدو أفضل الخيارات لطرفي الحرب فتجميد العمل العسكري يعني أن أوان تقسيم ثمار الحرب لم يحن بعد فينبغي على حلفاء الجيش في بورتسودان انتظار ما لا يعلم أحد متى سيأتي ليحصلوا على حصتهم من جائزة النصر أما تحالف الدعم السريع فسيسره أن يستجمع أنفاسه بعد الخسائر المتتالية وفشله في دخول مدينة الفاشر رغم الحصار غير الإنساني الذي يفرضه عليها منذ عامين تقريبا يسمح تجميد الوضع العسكري لطرفي القتال بمزيد من السلطة في مناطق النفوذ فالحرب لم تضع أوزارها والعدو ما زال على الأبواب تسمح هذه الحالة باستمرار الرعب وعسكرة الحياة ويصبح الجميع متهمين وعرضة للاشتباه وربما للمحاكمة وهو ما يحدث في بورتسودان وفي نيالا على السواء في كل مكان تتواصل التصفيات الميدانية بتهمتي التعاون مع الدعم السريع والتخابر مع الجيش وفق ما وثق تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق فإن طرفي الحرب لا يهتمان بمحاسبة منسوبيهما على أي انتهاك يرتكبونه ومع كل جريمة جديدة ترتكب يكون تبريرها أنها رد على جريمة ارتكبها الطرف الآخر فلا تتوقف دائرة الانتهاكات التي يأكل رأسها ذيلها بعد بداية الشهر الثاني من العام الثالث للحرب التي ظن مشعلوها أنها مغامرة سريعة لا يبدو أن طموح أكثر من 14 مليون نازح سوداني أكبر من وقف إطلاق نار يسمح لهم بالعودة إلى ديارهم بينما يحتاج نحو 25 مليون مواطن إلى مساعدات إنسانية عاجلة يهدد دخولها الآن قصف الدعم السريع ميناء بورتسودان ويبدو أن هذا ما تراهن عليه أطراف عديدة في الضغط على الأطراف السودانية لقبول الاتفاق العسكري العسكري إلى إشعار آخر هذا الاتفاق إن تم فقد يكون استراحة من إطلاق الرصاص لكنه لن يوفر الأمن للمواطنين