أفق الحرب التجارية إعادة ضبط التدفقات الرأسمالية لمصلحة واشنطن
ورد كاسوحة – وما يسطرون|
الغائب عن النقاش بشأن تبعات الرسوم الجمركية، التي فرضها دونالد ترامب، على الخصوم والحلفاء معاً، هو عودة التقلّبات الرأسمالية بشدّة، وبمعدّلات تفوق ما وصلت إليه، أثناء أزمتَي الإقفال الكبير عقب تفشّي فيروس «كورونا»، والفقاعة العقارية عام 2008. المسألة هنا ليست في الانهيارات التي شهدتها البورصات وأسواق الأسهم، قبل معاودة صعودها على إثر تعليق الرسوم المتبادَلة على 75 دولة، بقدر ما هي في السرعة التي سيحصل فيها الانتقال، بين التضخّم والركود، جرّاء «التخبُّط» الحاصل في فرض التعرفات وتعليقِها.
الخضوع للأولويات «الترامبية»
استبعاد النقاش النقدي حالياً، ليس مردّه التأخير في حصول التقلّبات، بل الهامشيّة التي تبدو عليها، في ظلّ طُغيان الأجندة الاقتصادية لفريق ترامب الاقتصادي، إذ ليس ثمّة أولوية، لدى الرئيس ومستشاريه، تفوق التسويق لمنافع فَرْض الرسوم، وما ستجلبه على الخزينة الأميركية من إيرادات، لتمويل التخفيضات الضريبية المُزمَعة وإيفاء الديون الأميركية. حتى الدول المتضرّرة من الرسوم والتي ارتاحت من تعليقها لاحقاً، تبدو بدورها أسيرة الأجندة التي فرَضَها الرجل، بموجب مفهومه عن التكافؤ، أو التبادلية، أو حتى التناظُر، في فرض الرسوم.
هذا في وقت، يشهد، ليس فقط تذبذبات متسارعة في البورصات وأسواق الأسهم وأسعار النفط، على ضوء التقييد الشديد الحاصل للتجارة الدولية، بل أيضاً، عودة سريعة للتقلّبات الرأسمالية، بعد نجاح البنوك المركزية في خفض وتيرتها لمدة، عقب اعتمادها سياسات التشديد الكمّي ورفع أسعار الفائدة. عدم ملاحظة ذلك كما يجب، تجعل الدول وحتى الشركات، محكومة بحلقة مُفرَغة، قوامُها؛ الردود على التعرفات الجمركية الأميركية برسوم مضادّة، وإن يكن نطاقُ تأثيرها أقلَّ بكثير، نظراً إلى صغر حجم اقتصاداتها ودورها في التجارة الدولية، قياساً بالاقتصاد الأميركي، الأكبر والأكثر امتلاكاً، حتى للقيود التجارية وأدوات عرقلة التبادلات، في حال اقتضت مصلحته ذلك.
وهذا يعني، لجهة استحالة تفادي المواجهة مع الولايات المتحدة، الدخول، ليس في حرب تجارية بالضرورة، بل في عالم تسوده أولويات تجارية، لا تعبّر عن الحاجة الفعلية إلى الأسواق، ولا سيّما بعد خروجها بصعوبة، من أزمة التضخّم الأخيرة. والحال أنّ آخر ما يحتاجه
ارسال الخبر الى: