ما بعد الحرب الاحتلال الإسرائيلي على حافة الانهيار عزلة دولية انقسام داخلي وتصدع في أسطورة الردع
بعد عامين من حربٍ ضارية قلبت موازين المنطقة، يقف “الاحتلال الإسرائيلي” على حافة مرحلةٍ جديدة، تتلاشى فيها صورة “الجيش الذي لا يُقهر”، وتتصدّع فيها أركان الدولة من الداخل والخارج. الحرب التي رُوّج لها كحرب “الحسم والردع”، تحوّلت إلى مأزقٍ وجوديٍّ كشف هشاشة الكيان، وأظهر أن قوّته العسكرية عاجزة عن ترميم انقسامه الداخلي أو إقناع العالم بعدالة قضيّته.
يُجمع تقرير صادر عن “معهد الأمن القومي الإسرائيلي” على أن مرحلة ما بعد الحرب شكّلت نقطة تحوّل خطيرة في تاريخ الكيان. فبعد سنتين من القصف والحصار والمجازر، يعترف التقرير بأن “الاحتلال الإسرائيلي فشل في تحقيق أهدافه المعلنة”: لم تُسقط حماس، ولم تُنهِ بنيتها العسكرية، ولم تجد بديلاً لإدارة قطاع غزة. وبدلاً من الانتصار السريع الذي وعد به قادتها، غرقت في مستنقعٍ استراتيجيٍّ أنهك جيشها واستنزف اقتصادها، وفضح تناقضات نظامها السياسي والعسكري.
الدعاية التي رفعت شعار “تدمير حماس” انتهت بواقعٍ معاكس تماماً: الحركة ما زالت قائمة ومتماسكة، والمجتمع الصهيوني يُصاب بتآكلٍ داخليٍّ وتوتّرٍ متصاعد. الحرب التي كان يُفترض أن تُعيد الهيبة لجيش الاحتلال، كشفت فقدانه للمبادرة وهشاشة الجبهة الداخلية، التي لم تعد تحتمل أكاذيب القيادة ولا أثمان المغامرة العسكرية.
على المستوى الدولي، تحوّل الكيان خلال الحرب من “ضحية الإرهاب” إلى رمزٍ للوحشية والتجويع والتطهير العرقي”. ويقرّ التقرير بأن الرأي العام الغربي شهد تحوّلاً جذرياً، بعدما انتقل “الاحتلال الإسرائيلي” من موقع التعاطف إلى موقع الإدانة، وأن علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.
أزمة رفح مثّلت لحظة القطيعة الكبرى بين واشنطن وتل أبيب، حين تجاهلت حكومة نتنياهو التحذيرات الأمريكية وواصلت القصف العشوائي، ما دفع إدارة بايدن إلى تعليق توريد الذخائر الثقيلة وفرض قيود على التعاون العسكري.
تلك الحادثة لم تكن سوى رأس جبل الجليد؛ فـ”الاحتلال الإسرائيلي”، بحسب التقرير، انتهك الاتفاقيات الدولية وخرق تفاهمات إطلاق الرهائن، ثم فشل في مواجهة الحملة
ارسال الخبر الى: