الحاجز
حواجز لبنان. قفز قلبي حين قرأت عنوان القناة على تطبيق واتساب. حواجز؟ من نصبها؟ أين؟ لِمَ ومتى؟
تدافعت الصور والأسئلة في رأسي، كما لو كانت محشورة في صندوق ضيّق فتحه أحدهم فجأة. فالقلق النائم في قلوبنا، نحن جيل الحرب الأهلية اللبنانية، سرعان ما يستفيق مستجيباً، كما في التنويم المغناطيسي، لمفردات محدّدة بعينها، خصوصاً إن ذُكِرت هذه المفردات في سياق سياسي وأمني مُتوتّر كالذي نعيشه اليوم. وكلمة حاجز، واحدة من هذه المفردات.
أضغط على زر المُتابعة لاستطلاع ماهية القناة، فتخرج أمامي، للمصادفة أيضاً، عبارة أخرى تزيد توجسي، لكونها هي الأخرى من يوميّات الحرب الأهلية اللبنانية: طريق العدلية/ المتحف سالكة وآمنة.
سالكة وآمنة. كانت العبارة الشهيرة لشريف الأخوي، مذيع نشرة الطرقات المقطوعة، التي كانت الإذاعة اللبنانية تبثّها يومياً لأجل أن يتفادى المواطنون الطرقات التي كانت المليشيات تنصب عليها حواجزها، لتقتل أو لتخطف على الهُويّة.
قلت في نفسي: لا بُدّ أنّ كاتب العبارة من جيلي. أو قد يكون أكبر مني؟ لكن ممّ هي آمنة تلك الطريق؟ بعد قراءة المنشورات، سرعان ما بدت هواجسي مُضحكة: فقد فهمت أنّ تلك القناة هي في الحقيقة لتواصل الخارجين عن القانون من سائقي الدراجات النارية، وربما الفانات أيضاً، لتنبيههم إلى وجود حواجز للشرطة ولراداراتها. نوع من لعبة عسكر وحرامية فرع تنظيم السير.
أبتسم للمنشورات المُختصرة: عدلية حيطة وحذر، سوق الأحد سالكة، بلاطة، شارع بلس قبل الماكدو، حاجز كبير في جونية مقابل عقيقي، طرابلس جسر المدفون إلخ. أما اللافت فيها، فكان أنواع رموز اللايكات المُستخدمة، من غير الرائجة عادة، أو بالأحرى غير المُستخدمة في المواقع الإخبارية. كقشر الموز (ربما للإشارة إلى احتمال التزحيط حين تمطر أو إلى أنّ الحاجز زحّط، أي رحل)، وهناك رمز براميل البنزين، وغيرها من الرموز التي لم أفهم معنى استخدامها، ربما لعلاقتي المقطوعة مع عالم قيادة السيارات. لكن الأهم، أعلام لبنان وسورية بنسختها الجديدة.
جنسيات تبدو في الفضاء السياسي والشعبي والأمني، متصارعة، لكنها هنا، وحين تجمعها المصلحة، تتحد فوراً
قلت في نفسي: يا للتضامن الطبقي
ارسال الخبر الى: