عبور الجغرافيا وتحولات الهوية علماء حديث حملوا صنعاء وازدهروا في دمشق

58 مشاهدة

لا تسير الهويات في خطوط مستقيمة في مدونة التاريخ الإسلامي، ولا تحدد الانتماءات بحدود الجغرافيا أو مواضع الميلاد كما هي الحال في أنظمة الجنسيات الحديثة. فقد نجد عالما كبيرا ينسب إلى مدينة لم يولد فيها، أو يشتهر باسم موطن لم يدفن فيه، أو يعرف ببلد لم يعش فيه إلا يسيرا من عمره. وذلك لأن العلاقة بين الإنسان والمكان في الحضارة الإسلامية لم تكن مجرد علاقة نشأة أو إقامة، بل كانت علاقة علم وسند ومدرسة، ومنزلة في التصنيف والانتساب.

لقد شكل نظام النسبة في الإسلام أحد أبرز ملامح التكوين العلمي والثقافي، حيث لم تكن الأنساب مقتصرة على الدماء، ولا كانت الانتماءات قاصرة على التراب، وإنما كانت المدن والحواضر رموزا للمدارس والمناهج، وأسماء البلاد شواهد على البيئة العلمية التي ينتمي إليها صاحبها. فالعالم قد ينسب إلى بلده الأصلي، أو إلى موطن آبائه، أو إلى المكان الذي طلب فيه العلم، أو حيث اشتهر وتفرد في حلقاته، أو حيث نقل عنه الحديث وروي علمه.

ومن هذا الباب، تأتي دراسة علمية بعنوان صنعانيون، ولكن من دمشق للأستاذ الدكتور عبد العزيز الصغير دخان، المنشورة في مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة والدراسات الإسلامية عام 1431هـ/2010م، لتفتح نافذة نادرة على ظاهرة ثقافية وعلمية مدهشة ومغفلة في آن معا: علماء حديث نسبوا إلى صنعاء، وهم في الواقع عاشوا في دمشق، أو ولدوا بها، أو قضوا عمرهم في مجالسها، وأفادوا منها وأفادوها.

هذه النسبة لا تعني خطأ في كتب التراجم، ولا تعكس وهما في التوثيق، وإنما تمثل امتدادا حيا لنظام النسبة في الثقافة الإسلامية، حيث لا ينظر إلى المكان بوصفه مجرد موقع ميلاد، ولكن باعتباره رمزا لهوية علمية، أو انتسابا إلى مدرسة، أو ارتباطا بسلسلة إسناد ومرجعية فكرية.

صنعاء دمشق هجرة الأسماء وإقامة الذاكرة

تكشف الدراسة عن مفارقة تاريخية نادرة قلما التفت إليها الباحثون، وهي وجود موضعين يحملان الاسم نفسه صنعاء، لكن أحدهما في قلب اليمن والآخر في غوطة دمشق. ليست المفارقة في التشابه الاسمي فحسب، بل فيما ترتب

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع الموقع بوست لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح