الانتخابات الرئاسية المقبلة في الجزائر محسومة نظريا وسياسيا لصالح مرشح السلطة الرئيس عبد المجيد تبون تقر بعض الأحزاب المعارضة نفسها في تقديرها الأفقي بأن الظرفية السياسية والإقليمية القائمة لا تسمح بإحداث تغيير في هرم السلطة ما قد يعقد الوضع ويبرز أعراضا لا تحتملها البلاد في هذا الوقت وأن هناك فرصة ممكنة إذا استحضرت السلطة الرشد لتصحيح النهج السياسي والاختلالات في إصلاح الاقتصاد وتسيير الشأن العام يجعل ذلك من الانتخابات الرئاسية المقبلة تجديدا مؤسساتيا أكثر منها ذات بعد تنافسي لكن هذه الانتخابات يمكن أن تكون في المقابل فرصة واستحقاقا مهمين بالنسبة للقوى والمدارس السياسية خصوصا التي تمثل تيارات تتجاوز الإطارين الحزبي والتنظيمي لتشكيل وطرح خطاب يتضمن عناصر جديدة لكل منها بما يسمح لهذه القوى بإعادة صياغة تصوراتها والانفتاح بقناعة على أبعاد وطنية مختلفة إزاء الإسلام والعربية والأمازيغية خصوصا والاجتهاد لمراجعة أدبيات مرجعية كانت تعرقل فهمها المجتمع وكسر قواعد تحكم خطابها ظلت تحد من اقتراب كتل مجتمعية من طرحها السياسي الانتخابات المقبلة في الجزائر فرصة للأحزاب والشخصيات التقدمية واليسارية المرشحة لتطوير وإدماج البعد الديني المحلي في خطابها السياسي وإجراء مراجعة عامة لتصورها المسألة الدينية بشكل يحيد عنها صورة نمطية أحزابا وشخصيات متصادمة نسبيا مع بعد مركزي وأساسي من أبعاد الهوية وتشكلات الشخصية الجزائرية سيحتاج الأمر الى قدر من الجرأة لكنه سيحقق لهذه القوى إمكانية تدعيم مضمونها السياسي ويتيح لها الاقتراب إلى الكتل المحافظة التي غذت السلطة لسبب أو لآخر موقفها السلبي من هذه الأحزاب التقدمية والانتخابات الرئاسية المقبلة فرصة في المقابل أيضا للقوى الإسلامية والمحافظة لإصلاح صلتها بالهويات المحلية بما فيها الهوية الأمازيغية بما هي مشترك وطني بعد فترة ظلت هذه العلاقة مشوشة لأسباب واعتبارات متعددة والاجتهاد السياسي في صياغة تصور كامل يجعل من هذا البعد مرتكزا أساسيا في خطابها وتصوراتها السياسية ويقلص المسافة السياسية بينها وبين المجتمعات المحلية التي تحمل هي الأخرى تصورات غذتها الممارسات الخاطئة أحيانا وأحيانا أخرى التضليل تجاه هذه القوى السياسية على المدى المنظور ستكسر مثل هذه الخطوات إن حدثت التوزيع السياسي الذي فرضته السلطة على تمركزات القوى السياسية في البلاد وجغرافيتها ويحد من قدرة السلطة والأجهزة على المناورة بتوظيف المشترك الوطني في المزايدة على طرف أو المناقصة على منطقة سيريح ذلك المجتمع الجزائري من جدل واحتكاكات سياسية مغرضة في الغالب ويسحب من السلطة لعبة كانت تديرها باقتدار منذ عقود بحيث كانت تقدم نفسها للكتلة المحافظة حامية للقيم من الفكر التقدمي وللكتلة التقدمية حامية لهم من الفكر المحافظ وبينما كانت كلتا الكتلتين تخسران الموقف كانت السلطة تربح كل الساحة