التموضع في صنعاء والرسائل إلى طهران
١١٧ مشاهدة
سليمان جودة
إذا اتكأ أحدٌ على عصا في مشيته، فإنه يوصف بأنه مستطيع بغيره، وكذلك إذا تساند على شخص آخر يقطع به خطواته على الطريق.
وهذا المعنى بالضبط كان حاضراً في ذهن صانع القرار في واشنطن، وهو يطلب من الصين الضغط على إيران لتضغط على جماعة الحوثي جنوب البحر الأحمر، ولا بد أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كانت تعرف مثل هذا المعنى منذ البداية، وكانت تدركه منذ أن قررت توجيه ضربات إلى مواقع الجماعة في بلاد اليمن السعيد.
ولكن يبدو أنها قامت بما يسمى «تقدير موقف» بعد توجيه الضربات، فتبين لها أن طريق بكين إلى طهران ومنها إلى صنعاء حيث يقيم عناصر الجماعة بدءاً من 2014، أقصر من طريق توجيه الضربات، فضلاً عن أن الطريق التي تمر بالصين إلى إيران إلى اليمن أقل تكلفة من الناحية الاقتصادية، رغم أنها طريق ملتوية ومتعرجة.
وفي علوم الرياضيات نعرف أن الخط المستقيم هو أقصر الخطوط في الوصل بين نقطتين، وهي قاعدة رياضية دقيقة من الناحية النظرية، ولكن في قضية مثل قضية هجمات الحوثي على سفن الشحن العابرة في البحر الأحمر يتضح أنها ليست القاعدة المناسبة، وأن طريقاً أخرى غير مستقيمة هي الأقصر في الوصول إلى النقطة المطلوبة.
وهي ليست فقط طريقاً ملتوية ومتعرجة، ولكنها طريق تذهب إلى العنوان الصحيح للجماعة، وتطرق واشنطن الباب الذي تعرف مسبقاً أن عليها أن تطرقه في موضوع الهجمات. وفي كل مرة يتطلع المرء إلى السياسة الأميركية هنا في المنطقة وحول العالم، يتبين له من جديد أنها كما قيل عنها حقاً: لا تسلك الطريق الصحيحة إلا بعد أن تكون قد جربت كل الطرق الخطأ.
وعندما نبهت المملكة العربية السعودية إلى خطورة الجماعة منذ أن دخلت عناصرها صنعاء في 2014، لم تنتبه الإدارة في بلاد العم سام، وتعاملت مع الأمر على أنه يخص المملكة ولا يخص سواها، ولم تكن الرياض تيأس وكانت في كل مناسبة تعيد التنبيه، وكانت الإدارة في العاصمة الأميركية تعيد غض البصر عما الحكومة السعودية تنبه
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على