التلاعب بالتاريخ

27 مشاهدة

معرفة التاريخ لا تقتصر على معرفة أحداثه، فالصراع البشري لا يزال قائماً حتى اليوم على قراءة وإعادة قراءة التاريخ، أو تفسير أحداثه. غير أن الصراع المحتدم اليوم في سورية يفضي إلى إعادة قراءة للتاريخ تقوم على أساس وحيد هو التلاعب بالتاريخ، أو تزوير التاريخ، أو تفسير حوادث التاريخ القريب بما يخدم أجندة محلية تهدف إلى تدوير الحلفاء، والأعداء من جديد، لا لخدمة الحقيقة، أو العلم التاريخي، أو البحوث المحكمة، بل لخدمة الولاء والتحالفات. والبارز في الأمر اليوم هو تدخل الجهات الرسمية، مثل وزارة التربية والتعليم السورية لتغيير تفسير حوادث التاريخ.

ففي كتاب التاريخ للصف الثامن، يلغي النظام السوري اسم الثورة العربية الكبرى، فتصبح تمرد الشريف حسين، يلغي أيضاً تاريخ الشخصيات الوطنية السورية، حين يعيد تسمية كوكبة من رجال سورية، من الذين أعدمهم جمال السفاح شنقاً في السادس من مايو/ أيار عام 1916، في دمشق وبيروت، ومن بينهم كتاب ومفكرون قوميون وإسلاميون، كانوا هم الذين أسسوا لاسم سورية في التاريخ العربي الحديث، وظلت أسماؤهم تضيء تاريخنا بكل فخر، في حين يضعهم الكتاب المدرسي للحكومة الجديدة في سجل مشين هو سجل العمالة للأجنبي، ويسحب من الضابط التركي الذي أعدمهم لقب السفاح الذي عرف به في التاريخ السوري الحديث، من قبل المؤرخين جميعاً، بمن فيهم كتّاب عُرف عنهم ميولهم الإسلامية، مثل محمد رشيد رضا، ويمنحه لقب الباشا.

يعيد النظام الحالي رسم هوية السوريين بما يناسب تحالفاته السياسية

اللافت أن التدخل في التاريخ لا يقتصر على هذه الجهة الحكومية، بل يتجاوزها إلى وسائل التواصل، كأننا في سباق يهدف إلى تلطيخ الماضي، بانتهاكات الحاضر لكل القيم والمبادئ. يلغى تاريخنا الحديث كله، ويعاد تدوير المعاهدات والاتفاقيات السابقة لخدمة وظائف سياسية مرحلية ميزتها الوحيدة أنها عرَض خطير في تاريخ البلاد. فالمجازر التي ارتكبها نظام بشار الأسد، والمجازر التي ارتكبها نظام أحمد الشرع، على هولها وفظاعتها، وعمق الجراح التي خلفتها، وقوتها في ترسيم حدود الطوائف والجماعات السورية، لا يصح أن تكون هي الوسيلة لإعادة قراءة تاريخنا الحديث والمعاصر.

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح