التفاهة هدف عاقر احمد عبدالملك المقرمي
46 مشاهدة
كان الهدف الكبير ماثلا أمامهم بكل وضوح و كانت المهمة بحاجة لهمم ترتقي إلى مســتوى الهـــــدف عندما نادى فيهم موسـى عليه السلام يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة و لما كان القوم ليسوا بمستوى الهدف و لا بقدر المهمة و لا أن ما دعوا له محط اهتمامهم فقد رد كبــارهم و هل لهذه النوعية كبـــــار نعم إن لذوي الهمم الصــــغيرة كبار على شاكلتهم فكان ردهم إنا لن ندخلها ففيها قوم جبارون ثم إن ما دعوتنا إليه لا يعنينا إن لنا مطالبنا و لنا طموحاتنا إنا لن نصبر على طعام واحد و راحوا يعلنون قائمة مطالبهم أين البقل و أين القثاء و أين الفوم و العدس حين تتقاصـــــــر الهـــمم تبرز التفاهة و تستبدل الأهداف و هنا تجلت التفـــــاهة بأوضــــح صورها حيث أهلها يدورون حول ذواتهم و شهواتهم و غياب هممهم هنا يتناســب مع التفــــاهة التي يحبون لأنها لا تحملهم تبعة و لا تلقي عليهم مسؤولية ثم إن الحديث عن تحرير و عن مواجهة و عن حرب هذا ليس محط تفكيرهم و لا طموحهم و ما يشغلهم هو أين البقل و أين القثاء أما التحـــرير فاذهب أنت وربك فقاتلا الانكفاء عن خطوط التماس إلى أسرة النعاس و الاهتمام بقرع المرافع على حســــاب المواقع عمل ســـخيف و سفه مستطير لم يكن في قوم موسى أحد من فئة البسطاء في مظاهرهم العظماء في مواقفهم من يصــرخ في وجه كبرائهم المثبطين و المخـذلين لأن بيئتهم التي تربــوا عليها و ألفـــوها كانت التفـاهة فكان جل اهتمامهم الحصــــــول على البقل و القثاء و العـدس حتى إنهم لم يستنكفوا عن عبــادة العجـــل حين دعاهم السامري لعبادته مصيبة و أي مصيبة أن تقوم مجموعة أو فئة لتفرض أمرا على حساب الأولويات الكبرى ناهيك عن أن يكون الحديث عن توافه هدفها تطبيع المجتمع لتناسي أهدافه العظيمة الإباء و الشموخ و وضوح الهدف يمثله صف صادق يؤمن بفكرة و يتميز برسالة و نوعية تعيش لهدف ترســخ فيها الجــد و تسـامى عندها الطموح و الغايات أشيروا علي أيها الناس كان هذا في مكان آخر و زمن آخر و في قوم آخرين قالها الرسول الكريم ــ و قد استنفرت قريش خيلها و رجلها تجبرا و كبرا ــ و إذا هم يشيرون بإجماع على المواجهة و النزال حتى إن أحدهم ليقول لن نقول لك كما قال بنوا إسرائيل لموسى إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعـدون و لكنا نقول اذهب أنت وربــــــك فقاتلا إنا معكما مقاتلون مــواقف التفـــاهة تبحث عن بطولة بلا كلفة و لا يكون فيها تبعة و ليس فيها مواجــــهة و لا مقـــــاومة و إنما فيها البقل و القثـاء و الفـــوم و العدس و عمــلا استعراضيا لا يعـرضها لحـــر الصـــيف و لا لزمهرير الشتاء العامة من البسطاء في مجتمع الإبــاء و الجد و الأهـــداف السامية أكـثر وعيــا و ألمح ذكاء ــ بمسافات كبيرة ــ من أن تنقاد لمواقف التفـــاهة ــ مهما كان مكر السامري ــ فضـلا عن أن تستذلها الأغــراض القثائية و غاياتها الغثائية البسطاء في البيئة الجادة لا تلهيهم تجارة و لا بيع يحملون أهدافا سامية يمثلون دائما المدد الفاعل للأهداف الكبيرة إنا معكما مقاتلون عندما انتصــــــر المسلمون في معركة نهاوند التي أسقطت نهائيا امبراطورية فارس كتب حذيفة بن اليمان الذي خلف النعمان بن مقرن في قيادة المعركة بعد استشهاد النعمان كتب يعلم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بما منحهم الله من فتح عظيم و يذكر له أسماء القيادات التي استشهدت ثم يقول و أناس لا تعرفهم يا أمير المؤمنين فقال عمر و ماذا تنفعهم معرفة عمر إن كان الله يعرفهم هؤلاء البسطاء الذين لا يعرفهم عمر كبار عند الله عز و علا لأنهم كانوا كبارا في مواقفهم و جهادهم و البسطاء الأبـــاة في كل زمان ومكان مغمورون عند البشر مشهورون عند الله عز و جل و هم الرقـــــم الصــــــحيح في المجتمعات الجادة و المــواقف ذات الأهــــداف الســـامية العليـــــا لهم نصـيب وافر من عــــــزة النفس و نكران الذات و لذلك ترى البسطاء ينفضون و يبتعدون عمن يروجـون لمواقف التفاهة و أغراض التفاهة كما هو شأن كل الأحرار دائما و البسطاء الأباة في المجتمع الأبي هم الحرية و عمق الأحرار و قاعدة و سند المــــواقف الكبـــــيرة و الأهـداف العظيمة إن المجتمع الحــــــر الأبي بكل فئاته يصبح المجتمع البطل الذي يتسامى برســالته و أهدافه و يرفض الانقيـــاد لمواقف التفاهة و الغثائية إن الأحرار صقور تحلق في سماء الحرية لا في الأقفاص أو في قيود الدولار و لا يأبه الأحرار لأولئك الذين يغرقون في معركة البقل و العدس أو يهتفون إجعل لنا إلها و لو عجل له خوار لقد كان التخلص من الإمامة و الاستعمار هدفا من أهداف ثورة السادس و العشرين من سبتمبر 1962 التي تتربص بها بقايا الإمامة و الذي يجب معه إسقاط هذا التربص الإمامي وترك الانشغال بالتفاهات عن واجب التحرير رحم الله شوقي فلتســــــمعن بكل أرض داعيـا يدعو إلى الكـذاب أو لسجاح و لتشــهدن بكل أرض فتـــنة فيها يبــــــاع الدين بيع سمـاح يفتي على ذهب المعـز و ســيفه و هوى النفوس وحقدها الملحاح
ارسال الخبر الى: