التطبيع أعلى مراحل الخيانة
36 مشاهدة
النَفَس العام الذي يسود الخطاب السياسيّ والإعلاميّ حاليّاً حول “التطبيع”، يعطيك إنطباعاً وكأنّ التطبيع هو الأصل والأساس، وعدم التطبيع هو الاستثناء!
كما أنّ الحديث الدائر حول التطبيع يحاول تصويره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وكأنّه مسألة محسومة، وأمر مقضيّ، وتحصيل حاصل، وقدر لا مفرّ منه!
التطبيع هو خيانة وعمالة في أكثر الظروف اعتياديّةً، فما بالنا عندما يتمّ ربط هذا التطبيع بـ “طوفان الأقصى” ومُخرجات ومآلات الطوفان؛ التطبيع في هذه الحالة هو إمعان بالخيانة والعمالة وتمادٍ فيهما!
والأنكى، أنّ هناك مَن يحاول تصوير التطبيع وكأنّه عمل بطوليّ، ومأثرة وطنيّة وقوميّة يزجيها أصحابها:
ـ نُطبّع لحقن دماء الفلسطينيّين.. نُطبّع من أجل الازدهار!
بالنسبة لدماء الفلسطينيّين، فإنّ الذي يسفك هذه الدماء ويسفحها سفحاً هو التطبيع وليس قلّته أو انعدامه، فهذا التطبيع بشقّيه المُعلَن الوقح، والمُضمَر الأشدّ وقاحةً، هو سبب تخاذل الأنظمة العربيّة والإسلاميّة، وتقاعسها عن نصرة غزّة وفلسطين، وتواطؤها مع حرب “الإبادة والتهجير”، وتماهيها مع مخطّطات تصفية المقاومة ومحور المقاومة وإعادة رسم ملامح المنطقة وفق مشيئة الإله الأمريكيّ والربّ الصهيونيّ.
بل إنّ التطبيع المُعلَن والمُضمَر هو سبب إحجام الأنظمة العربيّة والإسلاميّة بعد حوالي (630) يوماً من القتل المتواصل والجرائم المتواصلة عن الإتيان بأقل القليل وأضعف الإيمان من أجل غزّة وأهل غزّة..
كقطع العلاقات مع الكيان الصهيونيّ، وتجميد كافة الاتفاقيّات والمعاهدات الموقّعة معه ولو مؤقتاً أو بشكل مشروط، بما في ذلك التنسيق الأمنيّ والتعاون الاستخباراتيّ..
أو وقف كافة أشكال التبادل التجاريّ مع الكيان، وتزويده بالسلع والخدمات والطاقة وأسباب العيش، والتي لولاها لما استطاع الصمود والاستمرار ومواصلة حربه وجرائمه لغاية الآن..
أو الاعتراف بفصائل المقاومة الفلسطينيّة رسميّاً كحركات تحرّر وطنيّ مشروعة.
أمّا بالنسبة للازدهار فهو كذبة أسمج حتى من كذبة حقن الدماء!
فالتطبيع هو مدخل لإعادة إنتاج حالة الهيمنة والتبعيّة، ونهب فوائض الشعوب وثرواتها ومقدّراتها، وتطويبها مرّةً واحدةً وللأبد باسم “الأجنبيّ” تحت غطاء التعاون المشترك وتشجيع الاستثمار ومشاريع السلام الاقتصاديّ، أو بذريعة إعادة الإعمار.
والازدهار الوحيد الممكن هو ازدهار الأقليّة على حساب الأكثريّة جرّاء الفتات
ارسال الخبر الى: