لا يزال جموح التضخم في تركيا يهدد اقتصادها على الرغم من نسبة النمو المحققة والتي فاجأت المراقبين خلال الربع الأول من العام الجاري فقد فاجأت نسبة النمو الخبراء بعد أن احتلت تركيا المرتبة الأولى في أرقام النمو بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD رغم نسبة التضخم المرتفعة وتراجع سعر صرف الليرة التركية اللذين يؤثران في تكاليف الصناعة وتراجع الصادرات التي تأخذ تركيا منهما طريق نموها الرئيس ويرى الاقتصادي التركي مسلم أويصال أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الكبير ربما يكون آخر نمو على هذا النحو لأن تركيا أعلنت الحرب على التضخم ما يعني في رأيه تراجع الطلب المحلي وبدء التباطؤ لتتراجع نسبة النمو إلى أقل من 3 خلال الربع الثاني من العام الجاري ويضيف أويصال أن التضخم في تركيا اليوم هو عدو الاقتصاد التركي الأول متوقعا تراجع نسبته ابتداء من الربع الثالث من العام الجاري بعد الإجراءات الحكومية وفي مقدمتها تقليص الإنفاق الحكومي وإعلان التقشف لمدة ثلاث سنوات ومشيرا إلى التضاد بين النمو والتضخم وأن الفريق الاقتصادي فضل تقليص التضخم إلى خانة الآحاد حتى ولو أثر ذلك على نسبة النمو وكانت هيئة الإحصاء التركية قد أعلنت أخيرا أن اقتصاد تركيا حقق نموا بنسبة 5 7 سنويا في الربع الأول من العام الجاري ليحقق ذلك نموا بوتيرة أسرع في بداية العام وينأى بنفسه عن سلسلة من زيادات أسعار الفائدة التي تهدف إلى كبح الطلب المحلي وإخماده لكن استمرار ارتفاع التضخم يعتبر في رأي مراقبين الخطر الداهم الذي دفع بتركيا إلى اعتماد السياسة التقليدية النقدية إذ رفعت سعر الفائدة من 8 5 إلى 50 خلال عام بهدف تقليل كتلة السيولة بالأسواق وتحسين سعر الصرف وتخفيض التضخم في تركيا قبل أن تقدم على حزمة تقشفية قد تفيد أهداف الحكومة لتنفيذ برنامجها الاقتصادي على المدى البعيد لكنها ستؤثر في رأي هؤلاء على نسبة النمو المرتفعة ويواصل التضخم في تركيا ارتفاعه ليبلغ أعلى مستوى منذ نوفمبر تشرين الثاني 2022 بعد أن سجل في شهر مايو أيار الماضي وفق بيانات رسمية اليوم 75 45 على أساس سنوي لكن هذه النسبة اليوم في رأي الاقتصادي أويصال هي الذروة وسيبدأ التضخم بالتراجع اعتبارا من الشهر المقبل كما سيترافق مع تحسن سعر صرف الليرة التي سجلت اليوم 32 1983 مقابل الدولار الواحد معتبرا أن الاقتصاد التركي لم يزل مرنا في الداخل على صعيد زيادة الإنتاج والقطاع الزراعي خاصة بعد سلسلة الدعم التي أصدرها الرئيس رجب طيب أردوغان ونسبة الاستهلاك الكبيرة البالغة 7 3 على أساس سنوي وهذا ما سيحصن إضافة إلى الاستثمار الخارجي والصادرات إلى حد كبير نمو الناتج الإجمالي رغم إجراءات التقشف وتراجع الاستثمار الحكومي وفي تعليقه على نسبة النمو المرتفعة خلال الربع الأول من العام الجاري يقول وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك يتجه اقتصادنا نحو المزيد من التوازن والنمو المستدام مع السياسات العقلانية مضيفا خلال بيان أول من أمس أن الدخل القومي السنوي بلغ تريليونا و158 مليار دولار كما نمت صادرات السلع والخدمات بنسبة 4 إلى جانب زيادة القيمة المضافة الصناعية 4 9 بينما سجل إنتاج التكنولوجيا الفائقة نموا بنسبة 21 في هذه الفترة وهذا أمر مشجع لزيادة القيمة المضافة وحول مخاطر البطالة في ظل حزمة التقشف وتراجع الاستثمار الحكومي يشير وزير المال التركي إلى توفير مليون و46 ألف فرصة عمل إضافية في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق وأن معدل البطالة المعدل موسميا انخفض إلى 8 7 وهو أدنى مستوى في آخر 44 ربعا سنويا وعلى عكس آراء الاقتصاديين يتوقع شيمشك نموا في النصف الثاني مع ظروف خارجية أكثر دعما وطلب محلي معتدل ومع مساهمة إيجابية من صافي الطلب الخارجي هذا العام معتبرا أن البرنامج الاقتصادي الحكومي حقق نموا متوازنا وانخفاضا في عجز الحساب الجاري وزيادة الثقة وتحسن التوقعات وسرعة في دخول التمويل الخارجي وهذا كله يسهم في انخفاض التضخم في تركيا على وجه التأكيد