مئة عام من التشكيل المغربي آفاق متحركة بألوان وخطوط وأحجار
فاطمة حميد - الرباط
في قلب الرباط، العاصمة المغربية، وتحديداً في متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، يُفتح درب واسع على قرنٍ كامل من أسئلة التشكيل المغربي، إذ يتجاور الحلم والقلق، وتتقاطع الذاكرة مع التجريد. هذا الدرب افتُتح أمام الجمهور يوم الخميس 26 يونيو/حزيران الفائت، ويستمر على نحوٍ دائم تحت عنوان آفاق متحرّكة: مئة عام من البحث الفني في المغرب (1920–2020).
منذ اللحظة الأولى، لا يدخل الزائر فضاءً صامتاً بارداً، بل يلتقي علامة بصرية تكاد تختصر روح هذا المشروع الطموح: لوحة بعنوان فقيه يعلّم التلاميذ القراءة والكتابة، خطّها الفنان عبد الكريم الوزاني عام 1946 حبراً على ورق. يستلهم الوزاني فيها إرث محمد بن علي الرباطي، أوّل مغربي أقام معرضاً تشكيلياً مطلع القرن العشرين، ويضيف إليها صوته الخاص الذي يؤكّد أن الفن المغربي لا يكتفي بأن يكون صدى للآخرين، بل يكتب سيرته بيده. وكأنّ هذه اللوحة عند مدخل المعرض تقول للزائر: ستسير في درب لا يفصل بين الأصالة والتجديد، بل يجعلهما يتنفّسان معاً.
المعرض، الذي دشّن ضمن النسخة الرابعة من ليلة المتاحف والأروقة الفنية، هو ثمرة شراكة بين متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر والمؤسسة الوطنية للمتاحف. ويقدّم أكثر من 300 عمل فني موزّعة على ستة محاور كبرى ترسم خريطة دقيقة لمسار الفن المغربي: من بدايات الحداثة في العشرينيات، مروراً بالتوتر بين الأصالة والتجديد، ثم ملتقى التجارب والحروفية، وصولاً إلى التجريد والهندسة والكولاج والتصوير المعاصر. ليست هذه الأعمال مجرّد وثائق معلّقة على الجدران؛ بل هي شظايا ذاكرة جماعية تُفكّك قرناً من التحولات الثقافية والاجتماعية والسياسية، وتعيد تشكيلها بألوان وخطوط وأحجار وصمت.
يرسم خريطة لمسار الفن المغربي عبر مئة عام من البحث والتجريب
يرى زيد وكريم، مدير المتحف بالنيابة، في تصريح خاص لـالعربي الجديد أنّ المعرض يمثل لحظة استثنائية لسببَين: أولهما تزامنه مع ليلة المتاحف التي تشمل مختلف المتاحف والفضاءات الثقافية؛ وثانيهما أنه يعيد تقديم العرض الدائم بأسلوب سينوغرافي حديث، عبر لوحات تُعرض معظمها لأوّل مرّة ضمن رؤية شاملة لتاريخ الفن
ارسال الخبر الى: