الترجمة في تونس من زمن المشاريع الكبرى إلى البيروقراطية

18 مشاهدة

يمنح وجود هياكل مهنية وجمعياتية، سواء للناشرين أو الكتّاب التونسيين على الأقل، فرصة لإيصال أصواتهم والتعبير عن مشاغلهم ومشكلات القطاع الثقافي، بغض النظر عن النجاح في تجاوزها. في المقابل، يبدو مجال الترجمة أكثر هدوءاً ووداعة، لكنّه هدوء لا يعود إلى غياب التحديات، بقدر ما يُفسَّر بالتهميش وغياب التنظيم أو التحركات الجادة القادرة على توحيد جهود المترجمين والتعبير عن قضاياهم. وهكذا، أصبحت الترجمة اليوم قطاعاً ثانوياً، لا يشغل في المشهد الثقافي العام سوى مكانة هامشية، على الرغم من أنها كانت، ذات يوم، عنواناً من عناوين النهضة الثقافية الكبرى.

في عام 1945، كتب المثقف والمناضل الدستوري الشاب محمود المسعدي في مجلة المباحث مقالاً بعنوان: لا حياة لأمة من دون ثقافة، وأطلق في نهايته التحذير التالي: لتحذر بلادنا، والصالحون فيها... أن يظنوا أن بقاء اللغة وحدها، والتعصب لها، ضامن لاستقلالية الذاتية ودوام طرافة الشخصية. وقد صدق حدسه، إذ سرعان ما بلغ مواقع القرار، فعُيِّن أول وزير للتربية في دولة الاستقلال، ثم وزيراً للثقافة سنة 1976. ورفقة عدد من المثقفين مزدوجي الثقافة والتعليم (العربي والفرنسي)، أمثال محمد مزالي والشاذلي القليبي، أطلق المشروع الثقافي الرسمي للدولة الناشئة، وهو مشروع أولى اهتماماً واضحاً بالترجمة، إلى حين.

لم تخلُ الحياة الثقافية التونسية من محاولات مبكرة للترجمة؛ بل على العكس، ظهرت بوادرها المنظمة في خمسينيات القرن التاسع عشر، مع ترجمات طلبة المدرسة الحربية في باردو، قبل أن تنحسر إلى جهود فردية، غالباً في مجال الأدب، مثل ترجمة سلطان الظلال لتولستوي، التي أنجزها محمد المشرقي عام 1909، إلّا أن ما يميّز مرحلة الاستقلال هو ظهور مشروع ترجمة جدي، منظم وواسع النطاق، أشرف عليه التونسيون ضمن مؤسّسات رسمية تبنّت تحديات النهضة ومواكبة العصر.

أصبحت قطاعاً ثانوياً لا يشغل المشهد الثقافي العام

في إطار المخطط الرباعي 1965–1968، أُنشئت مؤسسات عمومية عدّة، من أبرزها الدار التونسية للنشر (1966)، التي ازدهرت فيها حركة الترجمة إلى العربية، سواءً عبر مشاريع كبرى لترجمة المصادر التاريخية الأوروبية حول تونس، أو عبر ترجمات فردية مثل

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح