التحولات الميدانية ومعركة النفوذ في حضرموت والمهرة

33 مشاهدة
مقدمة تشهد محافظتا حضرموت والمهرة منذ مطلع الأسبوع تحولات متسارعة تمثل أوسع عملية إعادة توزيع للنفوذ الأجنبي العسكري السياسي في الشرق اليمني منذ عام 2015م وتتداخل في هذه التحولات ثلاثة مسارات رئيسة أولها تمدد المجلس الانتقالي الجنوبي بدفع إماراتي خارج السقوف المسموح بها خصوصا في المناطق المرتبطة بالمعابر الحدودية وخطوط الطاقة ثانيها تصاعد القلق السعودي من تغير موازين القوة بما قد يؤثر على أمن حدودها الجنوبية وممرات النفط والموانئ ذات النطاق الاستراتيجي وثالثها عدم تماسك البنى العسكرية المحلية ممثلة بـ المنطقة العسكرية الأولى في الشرق وتعرضها للانهيار السريع عند أول ضغط جدي كما ظهر في وادي حضرموت على وجه الخصوص في هذا الإطار اختارت السعودية الانتقال من سياسة التوجيه عن بعد إلى سياسة الضغط المباشر عبر الدفع بما تسمى قوات درع الوطن إلى مسرح العمليات ما أدى إلى تغير جذري في معادلات القوة وتحويل المشهد في المناطق اليمنية المحتلة من مجرد تنافس بين وكلاء مرتزقة إلى هندسة أمنية وسياسية سعودية تعيد رسم ملامح السيطرة في الشرق بنية التحول الميداني وإعادة الانتشارحضرموت انتقال المبادرة بين أدوات الاحتلال شهدت حضرموت تحولا ميدانيا سريعا وملفتا فخلال الساعات الأولى من إعلان ما يسمى الانتقالي المدعوم من الاحتلال الإماراتي سيطرته على مناطق واسعة من وادي حضرموت تعرضت أرتاله في صحراء العبر الوديعة لهجمات متتالية كما أصيب عدد من قياداته في هجمات داخل مدينة سيئون هذه التطورات كشفت ثلاث حقائق مهمة عجز الانتقالي عن العمل في بيئة مستقرة داخل حضرموت خلافا لمناطقه التقليدية في عدن ولحج والضالع أو حتى ساحل حضرموت المسيطر عليه منذ سنوات فقدان الأمان في تحرك قواته بحضرموت وهي خطوط يصعب تأمينها في مواجهة فواعل محلية ذات المشكلة يعاني منها في أبين وشبوة ولم يستطع تأمين تحركاته رغم العمليات العسكرية التي يقوم بها عدم امتلاكه حاضنة محلية في الوادي قادرة على توفير عمق اجتماعي يؤهل بقاءه وفي ذروة هذا الارتباك أعلنت ما تسمى قوات درع الوطن تسلم مواقع اللواء 23 ميكا في العبر و تأمين الخط الدولي الحيوي الرابط بين حضرموت والحدود السعودية هذا التحرك ليس مجرد استلام مواقع بل تحويل مركز الثقل الميداني إلى القوة الموالية للرياض وإزاحة الانتقالي من المواقع الأكثر حساسية المرتبطة بطرق التجارة والنفط والمنافذ الحدودية بهذا المعنى جاءت تحركات الاحتلال السعودي لما يبدو استجابة استراتيجية لضبط الميدان لصالحها ومنع الانتقالي من فرض أمر واقع من شأنه تهديد ترتيبات الأمن الحدودي والاقتصادي للمحتل السعودي في حين أنه تبادل أدوار بين السعودي والإماراتي ليبقى المشهد اليمني المحتل ملتهبا المهرة إحلال ناعم للقوة السعودية في المهرة وتأكيدا على استمرار فصول المسرحية اتخذت السعودية نموذجا مختلفا يقوم على الإحلال الناعم دون مواجهات مفتوحة فقد جرى تسليم معسكر نشطون ومطار الغيضة الدولي ومباني الاستخبارات والسجن المركزي والجوازات لما تسمى قوات درع الوطن التي يدعمها الاحتلال السعودي دون مقاومة تذكر رغم أن ما يسمى الانتقالي الذي يدعمه الاحتلال الإماراتي كان قد رفع أعلامه في تلك المواقع حين سيطر عليها مؤخرا بهذا الإحلال تصبح المهرة تحت احتلال سعودية كامل تقريبا ما يضمن لمحمد بن سلمان السيطرة على الموانئ المنافذ الحدودية وامتدادها البحري إلى بحر العرب البنى التنظيمية ودلالات التموضع درع الوطن الذراع السعودي لإعادة تصميم المشهد الأمني تشكلت قوات درع الوطن عام 2023م كـ قوة احتياط مركزية ذات مرجعية سعودية بتركيبة يغلب عليها الطابع السلفي وبتوزيع جغرافي يظهر دقة هندسة الانتشار في المهرة بقيادة عبدالله بن سديف وتشرف على لواءين يقومان بتأمين المطار والموانئ والمقار الأمنية في وادي حضرموت لواءان أحلا محل اللواء 23 ميكا في العبر ومحيطها على الطرق الدولية تنتشر الفرقة الثانية بقيادة فهد بامؤمن وهي قوة تضم أبناء محافظات النفط والنفوذ حضرموت شبوة هذا الانتشار يعني أن السعودية لا تسعى فقط لاحتواء الانتقالي بل لإنشاء قوة موازية سلفية بديلة عن الإخوان لا ترتبط بالبنى السياسية التقليدية وتستطيع تنفيذ الأجندة الأمنية السعودية المجلس الانتقالي تآكل النفوذ وانكشاف محدودية القوة دخل الانتقالي حضرموت والمهرة بزخم إعلامي كبير رافعا شعار عملية المستقبل الواعد إلا أن الوقائع الميدانية جاءت معاكسة تماما إذ سرعان ما واجه ثلاثة مؤشرات تراجع حادة نزع الرمزية الانفصالية عبر إزالة أعلام الانفصال من المواقع المستلمة توجيهات صارمة من اللواء السعودي سعود القحطاني بعودة القوات إلى معسكراتها الأصلية انهيار خطوط الإمداد نتيجة الهجمات المتكررة النتيجة أن الانتقالي انتقل بسرعة من موقع الفاعل المهاجم إلى قوة مقيدة داخل معسكراتها مهددة بخسارة ما تبقى من نفوذها إذا اصطدمت عسكريا بقوات درع الوطن الاتجاهات العامة للمشهد الاستراتيجيالسعودية تثبيت مركزية القرار الأمني الذي يضمن مصالحها انتقلت السعودية من إدارة الأزمة إلى صناعة المشهد فبعد تجاوز الانتقالي السقف المتاح رأت الرياض أن بقاءه دون ضبط سيشكل تهديدا لتوازنات القوة بين الرياض وأبو ظبي في اليمن اختراقا للمعادلة السياسية التي ترعاها المملكة في المحافظات اليمنية المحتلة من هنا جاء التحرك السعودي الذي أوحت أنه حازم إذ اعتمد استراتيجية مزدوجة ضغط سياسي إنذار بالانسحاب وتسليم المواقع وتحرك ميداني إحلال مرتزقة درع الوطن في المواقع الحساسة وبذلك أعادت السعودية تعريف دور الانتقالي شرق اليمن من قوة مهيمنة إلى قوة ضمن الهامش انحسار الدور الإماراتي بداية مرحلة جديدة لا تزال أبوظبي في مرحلة الامتناع عن المواجهة المباشرة لكن المؤشرات واضحة خسارة مواقع حيوية تحييد قوات مرتزقة الانتقالي بروز قوة مرتزقة موازية تابعة للرياض وتراجع قدرة الإمارات على استخدام الانتقالي كأداة توسعية ورغم الصمت الحالي فإن الإمارات قد تستخدم أدواتها السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية لإعادة تقاسم المناطق المحتلة لا سيما إذا شعرت أن السعودية تستأثر بمساحة كانت تعدها ضمن نفوذها التقليدي وينسجم هذا مع تصريح عيدروس الزبيدي السبت بما قال إنها المحافظة على المنجزات والمكتسبات وطرح الآمال بـ دولة الجنوب الفيدرالية الحديثة حسب الزبيدي الخلاصةتدخل حضرموت والمهرة مرحلة إعادة كتابة قواعد اللعبة المشهد لم يعد مجرد نزاع على السيطرة بل مشروع سعودي لإعادة هندسة الأمن والسلطة شرق اليمن بما يخدم مصالحها يقوم على ثلاث مرتكزات درع الوطن القوة المركزية للمرتزقة ذات مرجعية سلفية التي تمسك بالمنافذ والمقار الأمنية والمطارات والحدود الانتقالي قوة مرتزقة محدودة الحركة تفقد قدرتها على إنتاج نفوذ مستقل الإمارات فاعل يشهد تراجعا نسبيا بانتظار ما إذا كانت ستعيد التموضع أو تكتفي بالتكيف ماذا عن الغد في المحصلة يتشكل شرق يمني جديد لا تحدده موازين القوى المحلية بقدر ما يحدده قرار المحتل السعودي الذي عاد ليبرز كلاعب أول في هذه الجغرافيا الاستراتيجية ورغم أن الكفة تميل حاليا لصالح الرياض فإن هذا التفوق غير مستقر ولا يمكن اعتباره حسما نهائيا للمشهد فمن غير المستبعد أن تلجأ الإمارات إلى هجمة مضادة لإعادة التوازن بما قد يشعل مواجهات جديدة بين المرتزقة خصوصا حول المنشآت النفطية في حضرموت وتبقى المنافسة السعودية الإماراتية التي ما تزال حتى اللحظة تحت قدر من الضبط المشترك كما ظهر في التوافق على تحييد المنطقة العسكرية الأولى و الإخوان عرضة لأن تنزلق في ظروف معينة إلى صدام مباشر بين الأدوات إذا خرجت عن السيطرة تحليل أنس القاضي اشترك وانظم ليصلك آخر الأخبار عبر منصات العين برس على مواقع التواصل الإجتماعي واتس أب تيليجرام منصة إكس The post التحولات الميدانية ومعركة النفوذ في حضرموت والمهرة appeared first on Alainpress

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العين برس لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح