التثاقل عن الجهاد والإنفاق وخسارة التجارة الرابحة

70 مشاهدة

في لحظةٍ تاريخية تتكشّف فيها حقيقة الصراع بين الحق والباطل، وتُستباح فيها دماء المظلومين وتُنتهك الكرامات أمام مرأى العالم، يعود الخطاب القرآني ليضع الأمة أمام مسؤوليتها الإيمانية والأخلاقية، بعيدًا عن التبرير والحياد الزائف.

فالقضية ليست مجرد أحداث عابرة، بل امتحان صادق لجوهر الإيمان، ومدى صدق الانتماء إلى دينٍ جعل نصرة الحق فريضة، والوقوف مع المظلوم واجبًا، والتضحية في سبيل الله تجارةً رابحة لا خسران فيها.

لقد خاطب الله سبحانه وتعالى المؤمنين بنداءٍ واضح لا لبس فيه، فقال جلّ وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ۝ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.

هذا النداء لا يقدّم خيارًا ثانويًا ولا طرحًا نظريًا، بل يحدّد معالم الطريق، ويكشف ميزان الربح والخسارة بوضوحٍ تام.

فالإيمان الذي لا يثمر موقفًا، ولا يترجم إلى تضحية، يبقى إيمانًا ناقصًا لا يرقى إلى مستوى التحديات ولا إلى متطلبات المرحلة.

إن ظاهرة التثاقل عن الجهاد والإنفاق في سبيل الله ليست وليدة الصدفة، بل نتيجة تراكمات فكرية ونفسية، في مقدّمتها ضعف اليقين، وسيطرة الخوف، والتعلّق المفرط بالدنيا.

حين تتحول المصالح الشخصية إلى معيار للمواقف، وحين تُقدَّس الراحة والسلامة الفردية على حساب الواجب العام، يصبح التخاذل سلوكًا مبررًا، ويُعاد تعريف القيم بما يخدم الانسحاب لا المواجهة، والسكوت لا الشهادة.

والجهاد في مفهومه القرآني ليس محصورًا في ساحة القتال فقط، بل هو موقف شامل يتجسّد في الثبات، والإنفاق، والكلمة الصادقة، ونصرة المستضعفين، ورفض مشاريع الظلم والاحتلال والهيمنة.

وهو التزام واعٍ يتطلب شجاعة أخلاقية قبل أن يتطلب قوة مادية، ويتطلب استعدادًا للتضحية قبل أن يتطلب حسابات الربح والخسارة الدنيوية.

ومن هنا، فإن التثاقل عن هذا الواجب لا يعبّر عن حرصٍ مشروع، بل يكشف خللًا في ترتيب الأولويات واختلالًا في بوصلة الوعي.

لقد بيّن القرآن الكريم أن التخلف عن نصرة الحق لا يمرّ دون آثار، وأن الصمت أمام الظلم ليس موقفًا محايدًا كما يُصوَّر، بل مشاركة غير

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع المشهد الحربي لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح