البطل المنقذ وبداية انهيار أمريكا

بقلم/ أ. د. محسن محمد صالح
بالنسبة لكثير من الأمريكيين المحافظين، يبدو ترامب بطلاً مُنقذاً في مواجهة وضع أمريكي متدهور؛ وتبدو قراراته وإجراءاته ضرورية لتحقيق شعاره الذي رفعه جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى؛ وهي إجراءات منهجية واعية، وليست مزاجية متخبطة مُستفزّة كما يتهمه خصومه. كما أن اتخاذ نحو 200 قرار رئاسي وأمر تنفيذي خلال الأيام الأولى لولايته الرئاسية الثانية، تعكس بالنسبة لهم قدرته على الحسم ومواجهة التحديات ووضوح الرؤية، وحاجة الولايات المتحدة الماسة لشخصية مثله صاحبة قرارات ومستعدة لتحمُّل النتائج؛ إذ إن التدهور الداخلي بحسبهم أخذ في الاستفحال، بطريقة تجعل من علاجه بالوسائل الرتيبة التقليدية أمراً محكوماً بالفشل.
أما مدرسة القومية الشعبوية فهي مدرسة العلاقات الدولية التي يتبناها ترامب للاستجابة لتحدي التراجع الأمريكي العالمي.
ولكن، هل يستطيع ترامب مواجهة التحديات ولعب دور المنقذ، أم أنه سيُسرِّع من تدهور الوضع الأمريكي داخلياً وخارجياً؟! وهل عقلية تاجر العقارات النرجسية المقامرة التي تميل للتأزيم والابتزاز السياسي والمالي، تصلح لتحسين الأمور أم إلى تفجيرها؟!
المأزق الأمريكي:
في منظومة الحياة الأمريكية تظهر مجموعة من الإشكالات الخطيرة تشمل تصاعد حالة الاستقطاب السياسي، والشد المتبادل بين اليمين المتشدد واليسار المتشدد، وتزايد الفجوة الاقتصادية المالية بين الأغنياء والفقراء، وتصاعد الديون الحكومية إلى مديات بدأت تخرج عن السيطرة، واتساع المشاكل المرتبطة بالهجرة واللجوء، وزيادة مظاهر العنصرية والتوترات الاجتماعية، والعجز المتزايد لدى الطبقات الاجتماعية المتوسطة عن توفير الرعاية الصحية والتعليمية وشراء المساكن، وزيادة مظاهر العنف المسلح والجريمة.
وفي هذا المقال، نختار بعض الأمثلة؛ فمثلاً، يشعر الأمريكيون البيض وخصوصاً المسيحيين البروتستانت، الذين يرون أنفسهم العنصر الأساس للمجتمع الأمريكي والعمود الفقري للنهضة الأمريكية، أن الهوية الأمريكية أصبحت مهددة. فعلى سبيل المثال، فقد كانت نسبة المسيحيين في الولايات المتحدة سنة 1970 تشكل 85% من السكان، وكان المسيحيون البيض يشكلون 80% من المجتمع الأمريكي، بينما أصبحت نسبة الذين يُعرفون أنفسهم كمسيحيين هذه الأيام 62-65% فقط، ومن المتوقع أن تنخفض هذه النسبة إلى أقل من 50% سنة 2050. أما المسيحيون البيض (من غير الهسبان/ اللاتينو)
ارسال الخبر الى: