البروباغندا والحرب في الشرق

١٦ مشاهدة
إسرائيل دولة تحب الخوف ولا شيء يمنحها بسهولة الثقة والاطمئنان وادعاؤها أنها تعتمد على ذاتها في الدفاع عن نفسها قد عبر عنه بالاعتداء الصارخ على الأطفال والنساء من المدنيين وأنها لما هوجمت بالمسيرات والصواريخ من داخل إيران توقفت كلية عن القتال في غزة لمدة تقارب خمس ساعات ولكنها عادت إلى ذلك فورا بعد إعلان إيران على لسان بعثتها في الأمم المتحدة إنهاء حملتها على إسرائيل ولا شك أن إسرائيل بقيادة حكومتها الحالية تستخدم الحرب النفسية والكذب ودس المعلومات والصور من أجل تسجيل نقاط ضد أعدائها ولعل أكثر ما يضحك فعلا هي صورة لرئيس حكومتها وهو واقف عابسا أمام طائرة مقاتلة في أحد المطارات العسكرية وهو يرتدي جاكيتا جلدية على غرار بعض الصور الترويجية لـ توم كروز في فيلم توب غن Top Gun على الأقل ممثل هوليوود طيار مرخص أما نتنياهو فهو يفهم في الطيران قدر معرفته بجغرافيا كوكب أورانوس وإسرائيل تطبق هذه الأيام في دعايتها العسكرية نفس الوسائل الكلاسيكية التي فصلها كل من الفرد واليزابيث لي Alfred and Elizabeth Lee في كتابهما الموسوم الفن الرفيع للبروباغندا المنشور عام 1939 أي قبيل انفجار الحرب العالمية الثانية ومن أهم هذه الوسائل كيل الشتائم لقادة الدول التعميمات الرنانة التمويل Transfer والشهادات الكاذبة والكلام البسيط لمخاطبة الجماهير وتجميع الحقائق بشكل يؤدي إلى النتيجة التي تريدها أو اللجوء إلى ما يسمى باللهجة العامية المصرية الجمهور عايز كده وببساطة فإن تعريف البروباغندا هو نشر المعلومات والحقائق والجدليات وانصاف الحقيقة أو الكذب من أجل التأثير على الرأي العام من خلال نشرها عبر وسائل الإعلام الغربية التي تقع في دائرة النفوذ الصهيوني فإنها تلجأ إلى نفخ هذه المعلومات أو الحقائق وتجسيدها بالتحليل على من يسمون بالخبراء والمختصين لإيصال هذه الأباطيل على أنها حقائق غير قابلة للنقض أو الجدل ويقصد بهذه الآراء إقناع الجمهور الإسرائيلي بصوابيتها بقصد الطمأنة والجمهور في الدول المعادية بهدف كسر المعنويات ولكن إسرائيل ومن يؤيدونها إبان حرب غزة لم يجدوا الفضاء الإعلامي فارغا إلا منهم بل وجدوا فيه من ينافسهم على مساحته ويسرق منهم المشهد فالشباب العرب والمسلمون والأفارقة وحتى الشباب الجديد المتحرر من سجن الأفكار الصهيونية المتراكمة لم يقبلوا أن يبقوا صامتين ورغم كل مساعي شركات التواصل الإلكتروني العملاقة والتي يتحكم فيها رأس المال الصهيوني إلا أن هؤلاء الفتية قدموا رواية مختلفة وبأساليب متطورة ما أربك الإسرائيليين والسياسيين في دول الغرب ولردود فعل الدول الغربية أنماط محنطة لا تحيد عنها ونحن نذكر ردود فعل ساسة الغرب بعد عملية السابع من شهر أكتوبر تشرين الأول عام 2023 لقد دانوا المقاومة بأسلوب فج بعيد عن الرقي في ألفاظه وجمله ودانوا ونافقوا إلى درجة مقززة ولما أحرجتهم الحكومة الإسرائيلية وجيشها بأعمالهم الهمجية في التدمير والقتل بدأوا يتراجعون إذعانا لمطالب جماهيرهم في بلدانهم وبسبب الخشية على مصالحهم ولما قامت إيران فجر الرابع عشر من شهر إبريل نيسان بإرسال 350 مسيرة وصاروخا إلى إسرائيل رأينا إدانة قاسية لإيران حتى من قبل الأمين العام للأمم المتحدة ومن قبل مستشار ألمانيا أولاف شولتز وغيرهم علما أنهم كانوا واثقين أن الضربة الإيرانية قادمة وأن إيران لن تسكت على اعتداء إسرائيل على قنصليتها في العاصمة السورية ومقتل سبعة أعضاء بارزين من قوات الحرس الثوري وعند انتهاء المعركة بدأت الدعاية المضادة وماكينتها بالعمل وقد استخدموا فيها إثارة نقاط تظهر أن إيران قد قامت بهذه الهجمة الجوية على إسرائيل من أجل أن تخدم إسرائيل عن طريق إلهاء الناس عما يجري في قطاع غزة وتحويل التعاطف في دول الغرب والعالم إلى إدانة إيران بدلا من إسرائيل وحكومتها وجيشها وإلى تعزيز الدور الإيراني في المنطقة وبمعنى آخر أن هناك مؤامرة متفقا عليها لتحقيق هذه النتائج وفتح الباب أمام إسرائيل لتعود إلى التظاهر بأنها الضحية وليست الجلاد وأنها هي بحاجة إلى دعم الولايات المتحدة وفرنسا وغيرها لإسقاط وسائل الهجوم الجوية الإيرانية قبل وصولها إلى الأراضي الإسرائيلية وبالتزامن مع هذا النقاش بدأت لعبة البروباغندا بالأرقام صحيح أن إيران أرسلت أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ ولكن بفضل التعاون مع كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة فقد تم التصدي لنحو 99 منها وبمعنى آخر فإن عدد المتفجرات التي سقطت على إسرائيل هي أقل من أربعة ووردت هذه الإحصائية على لسان رئيس الولايات المتحدة في المكالمة الهاتفية التي أجراها مع رئيس الحكومة الإسرائيلية والتي أراد أن يقنعه بها ألا يرد على الهجمة الإيرانية بسبب انتصار إسرائيل وفشل إيران ولكن وسائل الإعلام ذكرت أن القذائف والصواريخ والمسيرات التي أطلقت على إسرائيل قد ضربت تل أبيب والقدس وايلات والجولان السوري المحتل والنقب وهذه تتطلب على الأقل خمس وسائل وتقول إيران بالمقابل إن 50 من الوسائل الهجومية الجوية التي هاجمت بها إسرائيل قد وصلت لأهدافها وملاحظ هنا أن البروباغندا الإسرائيلية في غزة لا تظهر عدد القتلى والجرحى الإسرائيليين رغم أنهم يقولون بالكلمات وليس بالصور أنهم على سبيل المثال قد قتلوا أكثر من مائتي مقاتل من حماس بعد احتلال مستشفى الشفاء دون أن نرى ولو صورة واحدة تثبت صحة ادعائهم فلعبة التلاعب بالأرقام إظهارا أو إخفاء تضخيما أو تقليلا أو كذبا أو بعض الكذب لا يمكن الوثوق بها وبالمقابل فإن إظهار أرقام الشهداء من أهل غزة على أساس يومي تراكمي وأعداد الجرحى وتفصيل الأرقام بين النساء والأطفال والرجال قد ساهم ومع الصور في إظهار حقيقة إسرائيل التي ترد بأن ارقام وزارة الصحة في غزة مبالغ فيها والكذب بالأرقام والإحصاءات هو لعبة من أهم الوسائل للترويج ضد الأعداء ولدعم المعنويات لدى الشعب الذي تقوم حكومته بتقديم هذه الأرقام الكاذبة ولكن الوقت دائما كفيل بكشف الحقائق ولم أعلم عن حرب مورس فيها الدجل والكذب كهذه الحرب المستعرة منذ السابع من أكتوبر من العام 2023 وحتى الآن ولكن البروباغندا الإسرائيلية ومن يروج لها في الغرب أو الشرق ينسى بعض الحقائق التي لا يمكن إنكارها على الإطلاق ومن المفيد الإشارة إليها أولها أن اسرائيل هوجمت مرتين في أراضيها الأولى كانت في السابع من أكتوبر وقد غطت جزءا في غلاف غزة ولكن مع تطور المعارك طاولت صواريخ المقاومة في غزة معظم الأراضي الإسرائيلية أما المعركة المحدودة حتى الآن والتي بدأت ليلة الرابع عشر من إبريل 2024 وانتهت بعد أقل من خمس ساعات فقد طاولت كل الأراضي الفلسطينية بدون استثناء وأهمية الهجوم الإيراني للانتقام للهجوم الإسرائيلي على قنصلية إيران في دمشق تؤكد حقيقة مرعبة وهي أن إيران التي ربما طورت طاقتها العسكرية بإنتاج قنابل نووية قد أصبحت قادرة على الوصول لإسرائيل وهذا يخلق معادلة رعب جديدة تذكر قادة إسرائيل وحتى الدول العربية بأن إيران لديها القدرة والمعرفة لإيصال أسلحة مدمرة وفتاكة إلى عقر إسرائيل التي تبعد عنها ألف ومائة كيلومتر جوي هذا في رأيي هو التغير الاستراتيجي الأساسي أما الحقيقة الثانية فهي التساؤل عن ماذا كان سيحصل لو أن أميركا وبريطانيا وفرنسا تركت إسرائيل وقبتها الحديدية لتدافع وحدها عن نفسها هذا البديل المرعب سيقض بعض المضاجع في إسرائيل أما الحقيقة الثالثة المتعلقة بنتيجة ما جرى على الوطن العربي فهي أننا قد وقعنا في حلقة شيطانية مرعبة وهي أننا أصبحنا ضحية للغرب وإسرائيل من ناحية وإيران من ناحية أخرى فإيران لم تتردد في تهديد الدول العربية التي هاجمت وسائلها الهجومية على اسرائيل وبخاصة الأردن الوضع يزداد تعقيدا وتفجير الأزمة بأبعاد أشمل وأعمق قد ينتهي إما بالتصعيد وزيادة الضغوط على الوطن العربي الشرقي كله أو بالسير في عملية سلام مقنعة تؤدي إلى إنهاء النزاع بالطرق السلمية

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح