البحث عن الامتلاء الحضاري
وفق ما هو مقروء في سياق التاريخ وفي تفاصيل أحداثه ندرك أن اليمن لا يمكن أن تقبل خائنا ساعد محتلا على احتلالها وتدميرها، ومهما كانت التسوية السياسية التي ستكون في قابل الزمن إلا أن حقائق التاريخ القريب والبعيد تقول باستحالة بقاء الخائن على ترابها، فضلا عن قدرته على التفاعل السياسي مع الاستحقاقات السياسية، فالذين يقتاتون سحت البيع والخيانة يدركون هذه الحقائق، ولذلك شاع في نفوسهم وصفاتهم الطمع والنهب والفساد، وقد بدأت المؤسسات المالية الدولية تتحدث عن فسادهم، وعدم قدرتهم على إدارة المؤسسة المالية، وتتحدث عن خطأ إجراء نقل البنك إلى عدن.
مشكلة اليمن منذ بدء نشأة الدولة الحديثة في مطلع القرن الماضي أنها تنفق جل الموازنة العامة على مفردات القوة وإدارة الصراع ولم تفكر يوماً في أهمية البحث العلمي في التخفيف من حدة الصراع وقدرته على إحداث عمليات الانتقال، فالتعبيرات السياسية المتعددة التي وصلت إلى سدة الحكم تستغرق ذاتها في صراعها مع الآخر وفق حالات انفعالية، وهي بذلك تستسلم بكل إرادتها لقانون التاريخ وتفسح له المجال كي يكرر نفسه وأحداثه ووقائعه إلى درجة تعطيل حركة المجتمع في التحديث والانتقال، فالحرب والصراعات والنزاعات تعمل على يقظة الهويات التاريخية بكل تشوهاتها ونتوءاتها التي لا تتناغم مع روح العصر الذي نعيش، لذلك فكل الحروب التي حدثت بعد عام 1990م، لم تترك إلا مجتمعاً مختلفاً، وثقافة تقليدية، واقتصاداً راكداً، حتى تلك التحولات التي ظننا أنها تحولات، لم تكن تحولات بنيوية عميقة، فقد تركت وراءها مجتمعاً مغترباً وثقافة مستلبة، وشخصية منقسمة على نفسها، ونحن اليوم نقف على أطلال النتائج التي أفرزتها تلك المقدمات الخاطئة، إذ إن ثمة خصوصية يمنية يجب أن تجد تعبيرا عنها في شكل وبنية الدولة القادمة حتى تمتد بصيغة تفاعلية مع الماضي لتبدع الحاضر والمستقبل، فالشعور بالقيمة الثقافية والحضارية هو الامتلاء الذي يبحث عن الأجد والأروع ويحض على الابتكار والإبداع ويعمق من قيمة الانتماء للفرد والجماعة ويوثق من عُرى الآصرة الوطنية ويعزز من قيمة يمنية اليمن .
لقد كشف لنا العدوان وصمودنا
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على