الانتقال من الأبد إلى السرمد
يبدو اليوم الأول من العام الثاني، وكأنه اليوم الذي جاء قبل كل شيء، وبعد كل شيء. يومٌ اجتمع فيه الماضي بكل عيوبه ونقائصه وديونه واجبة التسديد، وفيه المستقبل كله بمزيج آماله ومخاوفه وتحدياته واجبة الإنجاز.
على مستوى الشعور، يبدو القلق عنواناً لدواخل شعب كامل، مع استثناءاتٍ واثقةٍ ترى أن الزمان بدأ الآن، وانتهى فوراً إلى ما بدأ عليه، وسيبقى كذلك دائماً.
من بين عيوبه ونقائصه الكثيرة، امتلك النظام السابق نقطة ضعف قاتلة: كان يظنّ بنفسه الأبد، وعلى هذا الوهم بنى أوهامه الكثيرة التي نَخَرَته فبخّرته. حين انتهى الأبد، رحّب الجميع بالزمن الطبيعي الذي يسير وتسير فيه البلاد إلى الأمام بخطوات واقعية على أرض طبيعية. ولكن سريعاً تبيّن أن هناك من يحضّر ليكون هذا الزمان أبدياً أيضاً، بل قام بلمسة فنية إضافية، وألغى كل الزمن الذي سبق هذا اليوم.
والأبد هو الزمان الذي يأتي بعد الزمان، هو بأقرب مفهوم رياضي شيء يشبه اللانهاية. بينما الأزل هو ما بعد الزمان من الجهة الثانية. أي قبل أن يكون هناك زمان، أي اللابداية. ما بين أول الزمن وآخره هو الزمان، وما بين أزله وأبده هو السرمد.
حلُّ المؤسسات، الاستخفاف بقوانين تعود لسنة الاستقلال، وآليات عمل تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، وعقود إيجار عمرها قرنان، وشكل علاقات اجتماعية عمرُه عشرة قرون. خفّة في التعامل مع ثوابت اجتماعية في العقائد والروابط والعادات، مخاطبة أهل البلد على أنهم غرباء وأعداء، قصور شديد في قراءة تعقيدات مجتمع تشكّل ببطء شديد على مدى القرون.
خطاب وسائل الإعلام، والمتحدثين باسم السلطة، الكلمات والجمل التي تتسرب من شقوقها، وتعني من دون لبس: الزمن بدأ الآن. وكل ما سبق إلى المزبلة.
هذا كلّه انتقال من أبد السلطة السابقة إلى سرمد السلطة الجديدة. حيث يفرط بعضهم في تصوّر حجم الفراغ والجاهلية التي كانت تخيّم على الزمن السابق لهذا اليوم، حتى إنهم يُنكرون على لاعب كرة قدم موهوب أن يحرز هدفين نادرين لأنه أحرز هدفاً في زمن غير موجود، أو كان جزءاً من
ارسال الخبر الى: