الانتخابات الرئاسية التونسية سعيد يلتزم سياسة الغموض

٦٠ مشاهدة
تسود حالة من الغموض والارتباك بشأن الانتخابات الرئاسية التونسية المنتظرة خريف هذا العام إذ لم يتبين موعدها المحدد إلى اليوم وكانت هيئة الانتخابات قالت إنها يفترض أن تجرى بين شهري سبتمبر أيلول وأكتوبر تشرين الأول المقبلين مؤكدة أن الرئيس قيس سعيد هو من سيحدد هذا الموعد عبر دعوة الناخبين ما يعني أن الرئيس وحده هو من يعلم تاريخ هذا الموعد الغامض ولكن الارتباك يسود أيضا داخل المعارضة التي لم تحدد موقفها بوضوح حيال المشاركة من عدمها وبخصوص اختيار مرشحها أو مرشحيها في حال المشاركة وهو ما سيؤثر على حظوظها بشكل كبير وسيضع سعيد في طريق مفتوح للفوز بولاية ثانية من دون عناء ضغوط لإجراء الانتخابات الرئاسية التونسية ورأى رئيس المعهد العربي للديمقراطية خالد شوكات في حديث لـالعربي الجديد أن المشهد السياسي الراهن في تونس مرتبط بشكل وثيق بالمرحلة التاريخية التي تمر بها تجربة الانتقال الديمقراطي التي أطلقتها الثورة في 2011 وبخلاف ما يظنه أنصار الرئيس سعيد فإنني أظن شخصيا أنه سعيد نهاية المرحلة السابقة وليس بداية مرحلة جديدة فكل ما قام به منذ إعلانه الانقلاب على المؤسسات هو هدم ما تحقق من منجزات بينما لم ينجح إلى حد الآن ولا أعتقد أنه سينجح مستقبلا في بناء أي شيء ذي جدوى أو مصداقية وأضاف شوكات أن جميع وعود سعيد في مكافحة الفساد واستعادة أموال التونسيين عبر العفو الجزائي وإصلاح المؤسسات العمومية المفلسة لم يتحقق منها شيء تقريبا وبالتالي فإن مشروع الرئيس القاعدي يبدو إلى اليوم مشروع هدم للقديم أكثر مما هو بناء للجديد واعتبر أن المعارضة أيضا في مكونها الغالب تنتمي إلى القديم ولهذا ما تزال مشدودة إلى الانقسامات الأيديولوجية السابقة ومنطق الإقصاء المتبادل ولهذا يصعب عليها بناء توافقات عريضة كما تقتضي اللحظة التاريخية شوكات المعارضة في مكونها الغالب تنتمي إلى القديم ولا تزال مشدودة إلى الانقسامات الأيديولوجية السابقة وبخصوص التطورات التي قد يعرفها المشهد السياسي التونسي في الأسابيع المقبلة رأى شوكات أنه في ظل غياب المنجز الاقتصادي والاجتماعي للرئيس سعيد والتحديات التي تفرضها المتغيرات الإقليمية والدولية المستجدة على تونس فإن الضغوط ستزداد على النظام الراهن للالتزام بتنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها أي آخر العام الحالي ورأى أن المجازفة بعدم تنظيم الانتخابات الرئاسية التونسية يجعل النظام خارج سياق الشرعية ولكن تنظيمها سيشكل مجازفة غير مضمونة العواقب إذا ما كانت انتخابات حرة ونزيهة وفقا للمعايير الدولية وعلى غرار ما جرى من انتخابات طيلة العشرية الماضية وعن إمكان تقديم سعيد بعض التنازلات للمعارضة بشأن شروط الانتخابات أم أنه يفضل أن يسير وحيدا من دون منافس على الرغم من التشكيك في الانتخابات الرئاسية التونسية كما هو متوقع لفت شوكات إلى أنه لا يمكن الاعتداد بانتخابات يسير فيها الرئيس وحيدا ولا أظن أن هذا الأمر ممكن على الرغم من كل الهنات ونقاط الضعف التي تشير إليها المعارضة من قبيل هيئة الانتخابات المعينة والقضاء الواقع تحت هيمنة السلطة التنفيذية وتابع تزوير الانتخابات أصبح برأيي عملية شبه مستحيلة في تونس ولو كانت لدى النظام قدرة على ذلك لفعل مع الانتخابات البرلمانية والمحلية خصوصا بنسبة المشاركة شديدة التدني التي لم تتجاوز 11 في المائة وكانت سببا في ولادة مؤسسات سياسية ضعيفة الشرعية ويأتي ذلك برأيه إلى جانب أن المجتمع المدني المراقب ووسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي وأعين العالم المفتوحة عناصر تجعل من التزوير مسألة صعبة إن لم تكن مستحيلة إضافة إلى أن جانب الرئيس سعيد لا يملك حزبا أو تنظيما سياسيا وينطلق من مقاربات أقرب إلى الأوهام منها إلى الأدوات الملموسة القادرة على ممارسة التعبئة والتأثير في أرض الواقع وبخصوص الموقف الدولي من الانتخابات الرئاسية التونسية أشار شوكات إلى أن ما تؤكده مصادر متواترة هو أن شركاء تونس الدوليين نصحوا النظام وما زالوا يفعلون بضرورة الالتزام بتنظيم الاستحقاق الرئاسي في موعده بما يحفظ للنظام شرعيته وأضاف أن هذا الضغط يأتي خصوصا أن الأمر يتعلق بأهم مؤسسات النظام أي رئاسة الدولة في ظل التحول الذي جرى على طبيعته من نظام شبه برلماني إلى نظام رئاسي مطلق متوقعا أن تشكل الانتخابات الرئاسية التونسية مجالا لحراك سياسي غير مسبوق وربما تكون محور مفاجآت من العيار الثقيل ارتباك السلطة والمعارضة وكانت جبهة الخلاص الوطني المعارضة قد أعلنت الأسبوع الماضي قرارها بعدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية التونسية المقبلة لعدم توفر مناخ لانتخابات نزيهة مؤكدة أنها لن ترشح أي شخصية لا من داخلها ولا من خارجها إلا إذا توفرت شروط الانتخابات النزيهة وترفض المشاركة في انتخابات مسرحية وقال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي في تصريح لـالعربي الجديد خلال ندوة صحافية عقدتها الجبهة إنها لن تختار أي مرشح لا من داخلها ولا من خارجها في الظروف الحالية لأن الانتخابات تحتاج إلى مناخ من الحرية والنزاهة والشفافية وهو غير متوفر الآن وبالتالي فإن تقديم مرشح الآن يعني المساهمة في التزييف الحاصل مؤكدا أن الجبهة تحترم من له رأي مخالف في المقابل أعلن المجلس الوطني لحزب العمل والإنجاز أحد مكونات الجبهة الأحد الماضي قراره بـالمنافسة الجدية في الانتخابات الرئاسية المقبلة بمرشحه والإعلان عنه في الوقت المناسب من جهته اعتبر الباحث زهير إسماعيل أحد أعضاء حراك مواطنون ضد الانقلاب أن البلاد دخلت في الزمن الانتخابي منذ ما يقارب الشهرين وصار موعد 2024 الانتخابي أي الانتخابات الرئاسية التونسية إلى جانب ملف الحريات والمؤسسة القضائية والمحاكمات السياسية أكثر ما يشد المشهد السياسي الإعلامي رغم انشغال عامة الناس بآثار الأزمة المالية الاقتصادية ومشكل الهجرة غير النظامية المتوسعة هذه الأيام وأضاف إسماعيل في حديث لـالعربي الجديد أن المواجهة بين نظام 25 يوليو تموز 2021 والمعارضة الديمقراطية تلقي بظلالها القاتمة على الحياة السياسية من خلال ما عرف بملف التآمر على أمن الدولة وحملة الاعتقالات التي طاولت العشرات من قيادات الحركة الديمقراطية والمعارضة السياسية وعلى رأسهم رئيس البرلمان السابق ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إسماعيل هناك توازن ضعف بين المعارضة المشتتة الضعيفة والنظام العاجز عن مجابهة الأزمة وأوضح أن سعيد هو أول من تكلم عن الانتخابات العام الماضي في إبريل نيسان 2023 في مدينة المنستير عندما سئل عنها في ذكرى وفاة الرئيس الحبيب بورقيبة وأضاف أنه على الرغم من إشارة سعيد إلى أنها الانتخابات الرئاسية التونسية ستكون في موعدها فقد كان جوابه لست مستعدا لتسليم وطني لمن لا وطنية له وتابع أما في الذكرى نفسها هذا العام فلم يكن تصريحه أقل توترا مما سبق حين اعتبر الانتخابات قضية بقاء أو فناء وهذا ما يجعل من كل المرشحين عند سعيد مرشحي معارضة ومن منافستهم حرب وجود بعبارته وعن موقف المعارضة اعتبر إسماعيل أنه يتراوح بين موقف يرى في المشاركة في الشروط الحالية اعترافا بالانقلاب وتسليما بالأمر الواقع وموقف يعتبر المشاركة في كل الأحوال فرصة لإنقاذ البلاد ورأى أن المعارضة والحركة الديمقراطية تبدو في أسوأ حالاتها وقد أثر على حضورها وأدائها منحى النظام الاستبدادي واستهدافه الحريات وتدجين القضاء وتحويله إلى قضاء تعليمات والتضييق على الأحزاب بالمحاكمات وغلق المقرات والملاحقات الأمنية وبرأيه فقد كان منتظرا من جبهة الخلاص أن تدرج مشاركتها في الانتخابات ضمن عنوانها السياسي الكبير استعادة الديمقراطية وتحته يكون كل برنامجها النضالي الحريات القضاء المساجين وتربط مشاركتها بنتائج الديناميكية التي يجب أن تطلقها من أجل فرض شروط الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة وعلى ضوء نتائج هذه الديناميكية وما وفرته من شروط الانتخابات الديمقراطية يكون القرار بالمشاركة أو بالمقاطعة ورأى إسماعيل أنه لو ركزت جبهة الخلاص على الشروط المطلوبة في شخصية المرشح للانتخابات لوفرت على نفسها تدافع قيادتها الصامت وهو ما ظهر في خروج حزب العمل والإنجاز عن موقف جبهة الخلاص المشروط ولفت إلى أن هناك أمرين مطلوبين في شخصية المرشح أن يكون مرفقا بفريق مالي اقتصادي عالي الكفاءة برؤية وببرنامج الانقاذ الاقتصادي وأن يضمن الوصول بالمشهد إلى الديمقراطية واعتبر إسماعيل أن كل هذه المعطيات تؤكد توازن الضعف بين المعارضة الديمقراطية المشتتة الضعيفة والنظام العاجز عن مجابهة الأزمة المالية الاقتصادية لافتقاده الرؤية والبرنامج ما يجعل من شروط الحل السياسي شروطا إقليمية ودولية وإذا ما قدر للانتخابات أن تتم فستكون تحت تغيير هذه الشروط وما يعرفه المجال العربي من زلازل في السياسة واحتدام الصراع لا يمنح بلادنا ما ترجوه من اهتمام شركائها فالجميع مضغوط بمصيره في صراع لم يفصح عن مآلاته بعد

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح