يحضر الإصلاح بكامل ثقله ويستحضر كل قواه يستدعي كافة قدراته ويستنفر جميع طاقاته ويحتشد عن بكرة أبيه عندما يتعلق الأمر بقضايا الوطن المصيرية لا يدخر جهدا ولا يوفر وسيلة ولا يحتفظ بحق الرد رغم ما لديه من فائض وطنية واحتياطي نضال يتقدم الصفوف ويسبق الجميع ويقتحم المخاطر ويصنع الملاحم البطولية في اللحظات الحاسمة وعند المواقف الحرجة يخوض الإصلاح حروب الوطن من المسافة صفر لا ينسحب من المعركة ولا يعود من منتصف الطريق ولا يرفع الراية البيضاء يقاتل باستماته حتى النهاية كآخر جندي يدافع عن شرفه لا يقبل أنصاف النصر ولا يرتضي بسلام كاذب أو هدنة خادعة لا يتعايش مع الموت ولا يطبع مع الطارئين والاوضاع الشاذة يتجاوز الإصلاح في سلوكه الوطني أفاقه الحزبية ويغادر أطره التنظيمية لا يتقيد كثيرا بنظامه الأساسي ولا بلائحته الداخلية يلغي كل الحسابات وينسى كل الحساسيات والاعتبارات عندما تمس مقدسات اليمنيين يتعدى الإصلاح حدود التأطير المغلق ويتمرد على مقاسات التصنيف الضيقة ويضع أرضيات شاسعة للمشتركات الوطنية يوسع دائرة الولاء و يرفع من سقف الانتماء ينصهر الإصلاح في الهوية اليمنية يذوب في ألوان العلم الوطني و يتماهى مع نشيد البلاد يكبر باليمن ويكبر لها ويجد في تمثيلها الانتماء الكبير ولإنه في يقظة دائمة وصحوة مبكرة فهو لا ينام وإن غفى منهكا إلا أنه يبقي عينيه مشرعتين ليتقي بهما ويحاذر أثناء نوبة حراسته للوطن وحتى لا يزايد أحد عليه في موقفه من عودة الإمامة فقد خاض الاصلاح معركته مع مخلفاتها من نعومة نضاله وتصدى للمحاولات الظلامية منذ اشراقته الأولى في تسعينيات القرن الماضي بصوت عال ولغة واضحة وكلمات مسؤولة تحدث الإصلاح عن خطر عودة الإمامة وواجهها بكل صلابة وهو لا يزال في مهد التعددية الحزبية واشتغلت وسائل إعلام الإصلاح ومنابره ومنصاته المختلفة على مدى عقود كمراكز إنذار مبكر وأجهزة استشعار حساسة للتحذير من خطورة عودة الإمامة ومخلفاتها وفي مقدمة تلك الوسائل الإصلاحية صحيفة الصحوة التي كان لها قصب السبق في التحذير من تلك التحركات المشبوهة والمساعي المتوارية خلف أحلام العودة وقد تناولت الصحوة في افتتاحياتها وللصحوة كلمة التي يكتبها مؤسسها ورئيس الإصلاح محمد عبدالله اليدومي تحذيرات الكاتب و إنذاراته المبكرة من خطورة الارتداد عن الثورة من قبل المتسللين لواذا إلى صفوف الجمهورية بل إن الصحوة تطرقت إلى خطورة عودة الإمامة في إصدارات سبقت ميلاد الاصلاح نفسه بسنوات حين كانت تصدر قبل تأسس الحزب كما في العدد 110 الذي صدر بتاريخ الخميس 1 صفر 1408 الموافق 24 9 1987 تحت عنوان لكي لا ننسى جرائم نظام الإمامة وظلت الصحوة في تغطية مفتوحة على مدى عقود عبر افتتاحيتها وقوالب العمل الصحفي الأخرى للتذكير بحماية مكتسبات الثورة وفضح محاولات الإمامة في العودة إلى التحكم بمصائر اليمنيين وخلال معركة الدستور كانت الصحوة تخوض الحرب منفردة مع أصوات الإمامة وأبواقها المتنكرين في ازياء التيارات الحداثية والليبرالية والعلمانية ولغة التحرر والانفتاح حيث حذرت في افتتاحية عددها 161 الصادر بتاريخ 25 4 1991 من خطورة التلاعب بالدستور وتعرضت الصحوة لهجوم شرس من تلك الأبواق الإمامية نتيجة موقفها الواضح في فضح مساعيهم وقد دعت افتتاحية العدد 284 الصادرة بتاريخ 10 10 1991م تحت عنوان لماذا غضب العنصريون من الصحوة إلى ضرورة دراسة الاسباب التي تدفع بالإماميين في الماضي والحاضر الى استمرار إصرارهم على ترسيخ الطائفية السياسية في كتاباتهم ومجالسهم وخطبهم وفتاويهم واستمرت الصحوة في فضح مظاهر الفتنة الطائفية التي بدأت تظهر على السطح من خلال التشكيك في الصحابة والطعن في عدالتهم و الترويج لكتب تدعو إلى عصمة الائمة والتقية وزواج المتعة والافضلية العرقية وحصر السلطة في نسب معين وغيرها من الأفكار الطائفية والسموم الشيعية كما جاء في عددها 294 الصادر بتاريخ 19ديسمبر 1991م ولم تكن الصحوة وحدها من خاضت الحرب الاعلامية مع الإمامة وفلولها بل كانت هناك صحف اخرى محسوبة على الاصلاح او على بعض أعضائه كالناس والمصدر والأهالي وحين سمحت التعددية الحزبية بإنشاء القنوات الفضائية التي ظلت حكرا على النظام الحاكم لعقود كان للإصلاح صوته الأعلى في مقارعة الإمامة والكهنوت وكانت سهيل الصوت الذي كسر حاجز الصمت في الفضاء اليمني وقد استطاعت سهيل بخطها التحريري وخطتها البرامجية المتنوعة وتغطياتها للمعارك مع فلول الإمامة أن تهزم السردية الحوثية المتنكرة في لباس الثورة والمتسترة خلف مظلومية صعدة وتفضح حقيقة تبعيتها وعمالاتها للنظام الايراني و تكشف مسارها الشيعي ومسيرتها الإمامية وساهمت سهيل من خلال برامجها الساخرة وفي مقدمتها برنامج غاغة الذي يقدمه الفنان محمد الأضرعي في تشكيل وعي كبير بخرافة الولاية وتحطيم هالة القداسة التي يصنعها الحوثيون لقيادتهم وزعيمهم وفضحت الكثير من المغالطات والخرافات الحوثية وفي معركته الفكرية لم يكتف الإصلاح بالتحذير والتوعية بخطر عودة الإمامة والتخلص من مخلفاتها بل عمل على تحصين الاجيال من افكارها الطائفية وثقافتها السامة مع بواكير العمل الإصلاحي من خلال المعاهد العلمية والاندية الثقافية والرياضية والمؤسسات العلمية التي كانت الهدف الأول لجحافل الامامة عند غزوها لعاصمة اليمنيين في العام 2014 م لا يحتاج الإصلاح إلى دليل ليؤكد حجم التضحيات ولا إلى شهادات لاثبات ما اجترحه من بطولات فمقابر الشهداء ومشافي الجرحى وسجون الأعداء تتحدث بلسان الحال وتختصر الكثير من المقال لقد حمل الإصلاح القضية الوطنية بصدق واخلاص ونزاهة وتعامل معها على انها معركته الوجودية وكما لو أنه آخر المحاربين في سبيلها ونحن نحتفل بذكرى تأسيسه الرابعة والثلاثين لسنا في مقام استعراض بطولاته ولا في مهمة جرد لنضالاته ولا في وارد حصر لتضحياته ذلك أن تضحيات الإصلاح اكثر من أن تحصى وأن نضالاته أكبر من أن تعد وأن بطولاته اوسع من أن يتم حصرها