الاصطفاف الوطني الجنوبي التحول الأكبر لقضية شعب الجنوب
38 مشاهدة

4 مايو/ تقرير/ محمد الزبيري
شهد الجنوب العربي في الأيام القليلة الماضية واحدة من أهم اللحظات السياسية في تاريخه المعاصر، لحظة يمكن القول إنها تُعيد تشكيل المشهد كاملاً وترسم الملامح الأولية للدولة القادمة.
إعلان القوى الوطنية الجنوبية—بأحزابها ونقاباتها ومنظماتها وشخصياتها المؤثرة اصطفافها الكامل خلف المجلس الانتقالي الجنوبي لم يكن حدثاً عادياً، بل زلزالاً سياسياً صامتاً امتد تأثيره من ساحات عدن إلى وادي حضرموت، ومن شبوة إلى المهرة، ومن الضالع إلى لحج وأبين.
ولأول مرة منذ عقود طويلة، بدا الجنوب جسداً واحداً، يتحدث بصوت واحد، ويحدد هدفاً واحداً لا تراجع عنه: استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة.
هذه اللحظة تبدو خلاصة مسار طويل من التجارب والخسائر والانتصارات، لحظة نضج ووعي جمعي وصل إليها الجنوبيون بعد ثلاثين عاماً من التهميش ومحاولات الطمس والهيمنة. لذلك، فإن الاصطفاف الذي تشهده الساحة الجنوبية اليوم ليس مجرد توافق سياسي، بل نقطة تحول تاريخية تأتي في سياق تراكم الوعي، وعمق الألم، وكلفة التضحية، وإصرار شعبٍ رفض أن يتحول إلى هامش في وطنه.
*عقود من الظلم
لم يأتِ الاصطفاف الوطني الجنوبي مجرد ردّ فعل آني على ممارسات سياسية طارئة، بل تشكّل عبر عقود طويلة من الاصطدام المباشر مع مشروع الهيمنة الشمالية الذي تعامل مع الجنوب باعتباره غنيمة لا شريكاً.
فمنذ حرب صيف 1994، والتي دشّنت مرحلة الاجتياح الشامل للجنوب، بدأت ملامح الشرخ العميق تتجذّر في الوعي الجنوبي، حيث مارست القوى الشمالية، بمختلف أطيافها السياسية والعسكرية، سياسات الإقصاء والاستحواذ ونهب الثروات وإضعاف المؤسسات الجنوبية بشكل ممنهج ومقصود.
وبعد العام 2015، ورغم أن الحرب فتحت نافذة أمل للتصحيح، أعادت القوى الشمالية إنتاج نفس العقلية بنسخة أكثر قسوة، مستغلّة الفوضى للسيطرة على القرار السياسي والثروات الجنوبية عبر أدوات متعددة.
هذا الإرث الطويل من التجارب المؤلمة كوّن لدى الجنوب قناعة نهائية بأن العلاقة مع القوى الشمالية لم تعد قابلة للإصلاح أو الشراكة. وكانت حوادث الاغتيالات، وتدمير المؤسسات، وتهميش القيادات الجنوبية، والاعتداءات المتكررة على عدن والمحافظات الأخرى، شواهد دامغة على جسامة الانتهاكات التي مورست
ارسال الخبر الى: