الإقليم يغير قواعد اللعبة والجنوب على أعتاب الدولة

✍️محمد الردفاني
إن الاعتداءات المتكررة التي يمارسها الحوثيون في البحرين الأحمر والعربي، وما يرافقها من تهديد مباشر لخطوط التجارة والملاحة الدولية، باتت تشكّل عامل ضغط حقيقي على الاقتصادات العالمية وعلى أمن الطاقة وحركة السفن. هذا العبث المستمر بمنظومة النقل البحري الدولية يخلق حالة عدم يقين تترتب عليها خسائر جسيمة، ويضع المجتمع الدولي أمام معادلة أمنية معقدة لم تعد قابلة للتجاهل.
اقرأ المزيد...في المقابل، تتفاقم هشاشة ما تُسمى “سلطة الشرعية” يومًا بعد يوم، مع تآكل أدواتها في إدارة مؤسسات الدولة وتراجع قدرتها على ضبط الإيرادات والحفاظ على بنية اقتصادية مستقرة. الانهيار المتسارع لقطاع الخدمات، وانعدام الفاعلية على الأرض، إضافة إلى تضخم مالي خانق، كلها مؤشرات تدفع نحو واقع يبدو فيه استمرار الوضع القائم أمرًا غير قابل للحياة.
وفي الشمال، يرسخ الحوثيون سلطة ذات طابع أيديولوجي مغلق، تتوسع بشكل منهجي داخل البنية الاجتماعية والتعليمية، وتعيد تشكيل وعي الأجيال على أسس طائفية متشددة. هذا النهج يهدد بإنتاج جيل كامل مشبع بالرؤية الأحادية، ما قد يحول المناطق الخاضعة لهم إلى بؤر توتر مستقبلي وقنابل فكرية قابلة للانفجار في وجه الإقليم والمجتمع الدولي على حد سواء.
أمام هذا المشهد، بدأت دول الجوار تُعيد تقييم خياراتها الاستراتيجية. فالمرحلة الحالية تفرض —أكثر من أي وقت مضى— وجود كيان مستقر وقادر في جنوب شبه الجزيرة العربية، يملك مؤسسات فاعلة وبيئة آمنة، ويستطيع أداء الأدوار الأمنية والاقتصادية التي تتطلبها المنطقة. وبالنظر إلى موقع الجنوب الجيوسياسي المتحكم بأحد أهم الممرات البحرية في العالم، فإن استعادة دولة مستقرة فيه لم تعد مجرد خيار محلي، بل ضرورة إقليمية ترتبط بالأمن القومي العربي وباستقرار سلاسل التوريد العالمية.
إن الضوء الأخضر الذي بدا واضحًا في مواقف الإقليم خلال الفترة الأخيرة، يمكن قراءته في إطار إدراك شامل بأن بقاء اليمن في حالة هشاشة دائمة بات يشكّل عبئًا أمنيًا وجيوسياسيًا، وأن البديل الواقعي يكمن في دعم كيان قادر على ضبط محيطه وتنظيم شؤونه، بما يضمن تحقيق التوازن ويُعيد صياغة المعادلة الأمنية في جنوب الجزيرة ورأس
ارسال الخبر الى: