الإصلاح مشروع تنويري ومسيرة سياسية ناصعة موسى المقطري

١٨٩ مشاهدة
لم يكن الثالث عشر من سبتمبر أيلول 1990م نهارا اعتياديا في عاصمة الحضارة صنعاء بل كان يوما مشهودا تم فيه الإعلان عن ميلاد حزب التجمع اليمني للإصلاح على يد كوكبة من رجال ونساء اليمن ينتمون الى مختلف المحافظات المنتشرة على الجغرافيا اليمنية بعد اعلان الوحدة التي سبقت هذا الحدث ببضعة أشهر فقط وتوزع المؤسسون بين كل الفئات الاجتماعية والعمرية والمهنية ومنذ ذلك اليوم بدأ الإصلاحيون في نسج مسيرة بناء وعطاء امتدت حتى اليوم لثلاثة عقود وبضع سنين سجل فيه الإصلاح مواقفا أقل ما توصف بأنها خالدة وصنع فرقا في ميدان العمل السياسي في كل المحطات وعلى كافة الأصعدة وشكل الوطن الجامع أهم أولويات الإصلاح كحزب ولد من رحم الأرض اليمنية الطيبة وتشرب أعضاؤه عذب ماء هذا الوطن ونهلوا من معينه الذي لا ينضب فكان الارتباط بالذات اليمنية العريقة والانتساب إليها مدخلا مهما يحدد مواقف الإصلاح في كل القضايا والأحداث التي صنعها أو كان جزء منها الارتباط بالجذور لم تكن ولادة التجمع اليمني للإصلاح كحزب رسمي وفق الأطر السياسية مجرد عملية استجابة للتغيرات التي تلت إعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م بل اختار الإصلاحيون يوم أن أعلنوا حزبهم صناعة مشروع تنويري يمتد ارتباطه إلى الجذور التاريخية للذات اليمنية وهي جذور ضاربة في أعماق التاريخ والحضارة فاختار الإصلاح لنفسه اسما ومنهجا يعبران عن هذه النزعة التي تمتد إلى عمق الحياة السياسية اليمنية والتي شهدت حركات إصلاح وتنوير في مختلف حقبها التاريخية يؤكد التاريخ أنه لا تخلو فترة زمنية من ظهور مشروع إصلاحي تنويري وبروز حامليه إلى واجهة الأحداث وإن اختلفت المسميات وتعددت الأهداف كأبي محمد الحسن الهمداني 893 947 م ونشوان بن سعيد الحميري 1107م 1178 م ومحمد بن إسماعيل الأمير 1687 1768 وصولا إلى القاضي محمد محمود الزبيري 1910 1965م وأحمد محمد نعمان 1909م 1996م ورفاقهم المناضلين وكل هؤلاء شكلوا مشاعلا للنور وواجهوا المشاريع الهادمة اجتماعيا وسياسيا وقدموا تصورات مختلفة لإصلاح المجتمع والنظام السياسي تنوعت وتعددت بحسب كل مرحلة زمنية لكن كل دعوة إصلاح أو حركة تجديد كانت تشكل امتدادا طبيعيا للحركة الإصلاحية اليمنية التي جعلت الطريق معبدا لظهور كيان يمني خالص تبلور في قالب سياسي حين أعلن التجمع اليمني للإصلاح عن ذاته مسيرة سياسية ناصعة شكلت ولادة التجمع اليمني للإصلاح تعبيرا عن رغبة حقيقية من قبل أعضائه في تقديم تنظيم سياسي مدني الهوى يمني الهوية ليشارك بفاعلية وإيجابية في بناء الوطن وتنميته واستقلاله وحرية أبنائه وحرص الإصلاح على أن يرسم بأدائه صورة ناصعة للعمل السياسي المدني ويعزز قيم التنافس المرتكز على أساس البرامج والأهداف والرؤى محتكما إلى المحددات الديمقراطية سواء في البناء الداخلي للحزب أو في العملية السياسية الوطنية سالكا درب المنافسة الشريفة واحترام التعددية السياسية وتقديم نموذج حزبي مدني يرتكز على خدمة الوطن والمواطن طوال مسيرته السياسية حمل حزب الإصلاح مسؤولية أخلاقية وسياسية تمثلت في تأصيل عقيدة وقيم وأخلاق وتاريخ وتراث المجتمع اليمني كما حمل على عاتقه مهمة مقدسة تمثلت بإرساء قيم الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية والاحتكام لنتائج الممارسة الديمقراطية وسيادة النظام والقانون كما انتهج نبذ العنف والتطرف والاستقواء بالسلطة أو الاستيلاء عليها قسرا واتجه بكل ثقله وأفراده وإمكانياته إلى الحفاظ على مكتسبات الوطن وتأصيل النظام الجمهوري ودعم وحماية الدولة اليمنية كمنجزات وطنية لا يمكن التفريط فيها أو القفز عليها تجربة تستحق الدراسة بعمق يمكن القول أن تجربة الإصلاح فريدة وجديرة بالدراسة والتعمق وخاصة أنه مارس العمل السياسي من مختلف الزوايا وفي كل الظروف فقد كان شريكا في أكثر من حكومة ومارس المعارضة في أكثر من مرحلة وخاض التغيير عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية والنقابية وأطلق مشروعه للنضال السلمي لإصلاح البلد دون الانزلاق للفوضى والعبثية وحين انقلب الحوثيون وعاثوا في الأرض فسادا وسقطت البلاد في كنف انتفاشة مشبوهة وانقلاب مقيت وكثر اللون الرمادي في الشارع السياسي اختار الإصلاح أن يكون ثابتا على لونه فظل جمهوريا لامعا وانحاز للقيم التي تأسس عليها واختار أن يكون في صف الجمهورية وتحت راية الوطن الكبير المسار الذي اختاره الإصلاح والمرتبط بمصلحة الوطن العليا في المرتبة الأولى والتزامه بمواقفه وقيمه ومحدداته في مختلف المحطات تحمل لأجله ضريبة باهظة ودفع أثمانا كبيرة لمواقفه المنحازة للوطن وشملت هذه الضريبة المضايقات على كل ما ينتمي للحزب والتضييق على الأعضاء والمؤسسات التي يديرونها والفصل والتهميش ثم انتقلت إلى القتل والاختطاف وتفجير المنازل واضطر كثير من قياداته وأعضائه إلى النزوح أو الاختفاء أو الهجرة القسرية ومع هذا كله صبر الإصلاح ولم تدفعه كل هذه الممارسات إلى الارتداد عن أي من القيم والمبادئ التي حملها ودافع عنها منذ تأسيسه وعلى راسها الانحياز التام للوطن ونظامه الجمهوري ونبذ التعصب لعرق أو لون أو نسب ومحاربة الطائفية والعنصرية بأشكالها الواضحة والمقنعة الوطن أولا وأخيرا محطات عديدة وأحداث متتابعة أكدت أن الانحياز الكامل لصف الوطن أضحى سلوكا إصلاحيا لصيقا بامتياز ولا يمكن تجاوزه أو الطعن فيه وطوال تاريخه السياسي اتخذ الحزب قراراته المصيرية والمرحلية بما يتناسب مع المصلحة الوطنية العليا مغلبا لها على مصلحة الحزب وأعضائه الذين تفهموا هذا المسلك وساروا عليه وفي رحابه ولأن الإصلاح كبيرا بكبر ما يحمله ويسير عليه خابت كل المساعي للانتقام منه وإلغائه أو حتى تهميشه وخرج من كل جولة منتصرا مضيفا لرصيده المزيد من المكتسبات والتي يسخرها دوما لخدمة الوطن وضمان أمنه واستقراره وظل في كل مرحلة يوجه أعضائه ومناصريه للمشاركة بفاعلية في بناء الوطن ويحضهم على تقديم أجمل ما لديهم من خبرات وإبداعات لإضافة قيمة نوعية ترتقي بالمجتمع اليمني وتنمي قيم الحرية والعدالة والمساواة ينتصر الإصلاح حين ينتصر الوطن وكل جرح في اليمن الكبير يمتد نزفه إلى كل إصلاحي وإصلاحية على امتداد الجغرافيا اليمنية تلك حقيقة أكدتها عقود من الأداء السياسي الذي يواكب الهم الوطني بإطاره الجامع الذي من أولى أولوياته أنه يجمع ولا يفرق ويصلح ولا يفسد ويبني ولا يهدم الوطن أولا والوطن أخيرا وما بين ذلك مجرد تفاصيل لا تعني شيئا للإصلاح لكنها تعني الكثير فقط حين تكون نتيجتها النهائية تحويل هموم قيادات وأعضاء الإصلاح ونشاطهم وابداعاتهم إلى مسار التنمية والبناء والانجاز تحت سماء الوطن الفسيح الذي يتسع للجميع ولا تحتكره فئة أو طائفة ولأجله تهون التضحيات وتسخر القدرات والأوقات وذلك ما علمنا إياه الإصلاح منذ بزوغ شمسه وحتى اليوم

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع الصحوة نت لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح