أثار نجاح الفصائل المسلحة إسلامية التوجه في إسقاط النظام السوري أسئلة كثيرة وتوجسات أكثر لدى سوريين كثيرين على خلفية الصورة الذهنية التي تشكلت عن هذه الفصائل هيئة تحرير الشام بشكل خاص في السنوات الماضية تمثلت بانفرادها بالسلطة في مدينة إدلب وقمعها المخالفين والمعارضين بقسوة وشراسة واستئثارها بمعظم خيرات مناطق سيطرتها وقد جاءت تصريحات قادة ومسؤولين في صفوف سلطة الهيئة لتحول التوجسات مخاوف قال وزير العدل في الحكومة المؤقتة شادي الويسي عند استلامه قصر العدل في حلب التوجه اليوم إلى تطبيق الشريعة الإسلامية وقال المتحدث الرسمي باسم الإدارة السياسية عبيدة أرناؤوط إن بعض الوظائف غير ملائمة للمرأة لأن كينونتها بطبيعتها البيولوجية والنفسية لا تتناسب مع الوظائف في الدولة كوزارة الدفاع مثلا وأضاف ما زال مبكرا الحديث عن عملها في مجال القضاء وسيترك للمتخصصين والقانونيين الدستوريين الذين يعملون لإعادة النظر في شكل الدولة الجديدة والمحددات التي ستوضع لعمل المرأة عنصرا مهما ومكرما وضرورة أن تكون المهام المنوطة بها تناسب طبيعتها البيولوجية وقد طلب القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع من النساء في وفد المبعوث الأممي غير بيدرسون وضع غطاء للرأس عند التقاط الصور الرسمية ينطلق الإسلاميون في تحديد رؤاهم ومواقفهم من فرضية خاطئة تعتبر أن ثمة تطابقا بين الشريعة والتاريخ الإسلاميين ينطلق الإسلاميون في تحديد رؤاهم ومواقفهم من فرضية خاطئة تعتبر أن ثمة تطابقا بين الشريعة والتاريخ الإسلاميين وتعتبر في ضوء ذلك ما حصل في التاريخ الإسلامي جزءا من الدين الإسلامي عدا عن إسباغهم هالة من التعظيم والتقديس على أوائل المسلمين يصفونهم بالسلف الصالح ويعتبرون تقويمهم أو نقدهم نوعا من التجديف وقد تجلى ذلك في إطلاق حركات ومنظرين إسلاميين على أنفسهم وصف سلفي أي أنه يقتدي بالسلف واقع الحال أن افتراقا ما حصل بين الشريعة والتاريخ بدأ مبكرا ثم توسع وتفاقم ليحرك التاريخ الإسلامي خارج توجيهات الإسلام وهديه بدأ الخرق الأول في سقيفة بني ساعدة لحظة إعلان وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام إذ بلغ نبأ اجتماع الأنصار في هذه السقيفة لاختيار قائد يحل محل الرسول الكريم في إدارة الاجتماع الإسلامي فتوجه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح إلى السقيفة ودخل أبو بكر وعمر في نقاش مع الأنصار حول الأحقية في القيادة طرحت خيارات وبدائل من دون أن تحوز اتفاقا فطلب عمر من أبو بكر أن يمد يده ليبايعه قاطعا الطريق على استمرار النقاش قال عن خطوته لاحقا إنها فلتة وقانا الله شرها لن أعود إليها ثانية قطعت البيعة الطريق على محاولات الأنصار تسنم قيادة المسلمين لكنها فتحت خلافا بين المهاجرين تجسد في تحفظ علي بن أبي طالب على خلافة أبو بكر كان يرى نفسه أحق لسابقته في الإسلام ولأنه ابن عم الرسول وزوج ابنته بقي ممتنعا عن المبايعة قبل أن يعود ويبايع عند انفجار تمرد القبائل وبدء عملية فرض السيطرة عليها المعروفة في التاريخ بحروب الردة لم تكن ردة عن الدين بل رفضا لسلطة الدولة القائمة في المدينة المنورة والتوقف عن دفع الزكاة والخراج لها تعكس هذه الوقائع حصول خروج صريح عن توجيهات الإسلام وهديه باعتبار الأمر السياسة شورى بين المسلمين وقد تكرر الخروج في توصية الخليفة أبو بكر بتولية عمر بن الخطاب من بعده عدل عمر الموقف نسبيا بتسمية ستة من الصحابة مهمتهم الاتفاق على مرشح للخلافة بعده وبعد مقتل ثلاثة من الخلفاء عمر وعثمان وعلي وقفز معاوية بن أبي سفيان إلى سدة الخلافة وتحويله الحكم وراثة يرث الابن أباه من دون اعتداد بالأهلية والعمر خلال حكم بني أمية استمر ذلك في خلافة بني العباس تاركين أهم توجيه في إدارة الحكم الشورى خلفهم لم يكن الخروج عن توجيهات الإسلام وهديه مقصودا لذاته بل نتيجة صراعات قبلية وتوازن قوى بين قبائل الجزيرة العربية أكده اشتراط فقهاء السياسة المسلمين القرشية أي أن يكون المرشح للخلافة من قبيلة قريش شرطا من شروط تولي الخلافة ما وضع العرب من غير قريش والمسلمين من غير العرب خارج عملية التنافس على القيادة وهنا يمكن تلمس عدم دقة تسمية خلافة الخلفاء الأربعة الأوائل أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بالخلافة الراشدة لأنها لم تسر في وتيرة واحدة ولما شهدته من تباين في الظروف والسياسات المعتمدة حيث استخدم عمر الشدة في تطبيق السياسة وقدم عثمان أقرباءه من بني أمية وسلمهم مناصب مهمة في الدولة والولايات وأجزل لهم الأعطيات وقتل في معركتي صفين بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان والجمل بين علي وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام ومعهما عائشة زوج الرسول أكثر من عشرين ألفا من المسلمين لم يكن الخروج عن توجيهات الإسلام وهديه مقصودا لذاته بل نتيجة صراعات قبلية وتوازن قوى بين قبائل الجزيرة العربية لقد أصبحت الوراثة والتغلب السمة العامة للحكم في التاريخ الإسلامي مع بقاء أصوات وبؤر مقاومة صغيرة تنادي بالشورى والمساواة بين المسلمين في قيادة الحكم استبعد الشراة كما يصفون أنفسهم والخوارج كما يصفهم خصومهم شرط القرشية من شروط الخلافة هذا وقد اصطبغت الاجتهادات الفقهية والاجتماعية التي نشأت بالتزامن مع تصاعد الصراع السياسي القبلي في فترة خلافة بني أمية وما ترتب عليه من انقسام مجتمعي على خطوط قبلية بالمناخ السائد وعززته في الوقت نفسه بانخراطها في تبرير مواقف وسياسات الفريق الذي تنتمي إليه قبليا وسياسيا ومنافحة الفرق الأخرى التي تعددت وتزايدت وتعمقت خلافاتها وكانت الفتوحات التي انطلقت قد أتاحت تغذية الصراع وتكريسه بحجم الأموال التي بدأت تضخ إلى خزينة الخلافة يستخدمها الخليفة في تعزيز المجتمعات التي تتبنى مواقف موالية له وشراء ذمم المخالفين والمحايدين بالأعطيات من الذهب والفضة والجواري وقد تكرست هذه السياسة وتعمقت خلال فترة حكم بني العباس مع بروز ظاهرة الاعتماد على غير العنصر العربي ليس من باب تكريس العدالة والمساواة اللتين انطوى عليهما التوجيه والهدي القرآنيان بل لضمان الولاء والإخلاص على خلفية انعدام الثقة بالقبائل العربية بعد انقسامها وانخراطها في التنافس على السلطة وهذا قاد إلى انفجار الصراع بين المسلمين العرب وغير العرب ونشأة ظاهرة الشعوبية وتجنيد مقاتلة من غير أهل البلاد يجلبون أطفالا من القوقاز وأرض الديلم ويخضعون لتربية وتدريب خاصين فيصبحون مقاتلين أكفاء وتفشي ظاهرة الجواري والمحظيات والغلمان وبدء تشكل مجتمع الحريم والفصل بين الرجال والنساء ارتبك المسلمون وشهد اجتماعهم البلبلة والحيرة إذ ثقل عليهم إدراك خلفيات الصراع والقتل المباشر لبعضهم وهم قريبو عهد بالدين والإيمان وعجزهما الدين والإيمان عن ردهم إلى صوابهم والكف عن سفك دم بعضهم الذي حرماه ما رتب ظهور تيار لاأدري تمثل بالمرجئة وتيار جبري تمثل بالجهمية مع أنهما يتعارضان مع فلسفة الإسلام القائمة على العقل وحرية الإرادة والاختيار هذا وقد قاد الاحتكاك والتفاعل مع الفكر العلمي والفلسفي لدى الشعوب والمجتمعات القريبة أولا والبعيدة بعد توسع الفتوحات إلى ظهور فلاسفة ومفكرين كثر الكندي والفارابي وابن سينا والمعتزلة حركوا الإبداع والإنتاج الفلسفيين والعلميين غير أن الصراع على الخلافة بين الأسر القوية وأبناء المجتمعات حديثة الإسلام وبدء ظاهرة استقلال الولاة وابتزازهم للخلافة وسيطرتهم عليها والتحكم بمصير الخلفاء وقتلهم وظهور تيارات سياسية ذات نزوع معارض القرامطة والإسماعيليين والفاطميين وبروز تيار أهل الحديث الحنابلة والأشاعرة بعد انقلاب أبو الحسن الأشعري على المعتزلة وانتصار تياره في المواجهة مع الحنابلة واستحواذه على تسمية أهل السنة والجماعة الذي كان يشير إلى الحنابلة ذلك كله حول الأشعرية إلى التيار الغالب وأصبحت العقيدة الضمنية للمسلمين السنة بمن في ذلك التيارات الحديثة والمعاصرة التي يعكسها قبول عام بتحديد ساحة فعل حرية الإرادة البشرية وربط ما يدور في الكون بالله عز وجل وإلقاء مهام كثيرة عليه لأنه يدير الكون بشكل لحظي واعتماد الدعاء لتلبية الحاجات على الضد من توجيه القرآن الكريم بالدعوة إلى التفكر واكتشاف الكون المحكوم بسنن ونواميس ثابتة تحكم الطبيعة والبشر وعلى الإنسان اكتشافها واستخدامها في مواجهة واقعه وتحقيق أهدافه والوصول إلى تأمين حاجاته تكمن نقطة ضعف المجتمعات المسلمة في تبنيها المعلن والمضمر الواعي وغير الواعي للأشعرية فكرا وممارسة وتجاهل السنن والنواميس وقانون السببية وعدم التعاطي مع الظروف بتحديد الأسباب والعلل والبحث عن سبل حل التعقيدات وتجاوز العقبات وقد زادت ظاهرة المشيخية الطين بلة باعتمادها الرواية الشفهية حول الأسلاف وممارساتهم وحجم تفرغهم للعبادة واعتبار عدم الاقتداء بهم شرا يمكن أن يؤدي إلى التهلكة يوم الحساب استمع كاتب هذه السطور وهو في وسيلة نقل عامة خلال شهر رمضان إلى حديث ديني لأحد مشايخ الشام الذي انبرى يقرع المسلمين الذين يكتفون بقراءة قصار السور في صلاة التراويح ويضرب أمثلة من الأسلاف كيف كانوا يقرأون ميايا يقصد مئات السور في كل ركعة متجاهلا ظروف العصر والجهد الذي يبذله الإنسان لتوفير احتياجات أسرته والتعب الذي ينال منه طوال النهار وحاجته إلى الراحة كي يقوم إلى عمله في اليوم التالي سليما معافى في مقابل حياة السلف البسيطة في احتياجاتها ووجود مصدر دخل في المتناول يوفره بيت مال المسلمين روايات تنطوي على سرد لنماذج شديدة المثالية مرفقة بدعوة للاقتداء وإلا فالويل والثبور وعظائم الأمور تجب إعادة تأسيس فهمنا للشريعة ومعالجة قضاياها في ضوء شروط العصر في العودة إلى مقولة تطبيق الشريعة وتحديد أعمال تتناسب مع طبيعة المرأة البيولوجية والنفسية المشار إليهما في صدر المقالة سوف يكتشف الباحث المدقق أن القضية ليست أكثر من قول نمطي لجماعات الإسلام السياسي التي إن كانت تجاوزت أشعريتها بانطلاقها العملي التنظيمي والسياسي والعسكري من أجل تغيير واقع المسلمين المريض وفق قولها إلا أنها بقيت مقلدة ونمطية تعتمد النقل لا العقل متمسكة بالفقه القديم وتقليد الأسلاف فقد سلمت بكل ما حصل في التاريخ الإسلامي من اجتهادات فقهية وممارسات عملية واعتبرتها جزءا أصيلا من الدين الإسلامي مع أنها اجتهادات بشر في ظروف علمية وثقافية واجتماعية محددة وأنها لا تلزم المسلمين خارج زمان ومكان طرحها ما يستدعي الفصل بين الشريعة والتاريخ أولا كي نتحرر من ثقل التراث الذي يربض على ظهورنا ونعود إلى الشريعة في القرآن الكريم للتعاطي معها وفق قدرات علمية ومعرفية حديثة وسنجد عندها أنها في القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية محددة ومحدودة إذا وضعنا العبادات جانبا فالقضايا التي حددها القرآن الكريم قليلة الشورى في مجال إدارة المجتمع المساواة والعدل بين الناس لم تحدد أطرها وطرق عملها بل تركت للمسلمين كي يحددوها الأحوال الشخصية زواج وطلاق وميراث اقتصاد كتابة العقود والدين الحدود السرقة والحرابة والزنى وترك تفصيلها وتغطية ما لم يرد والتعامل معها لتقدير المسلمين في الزمان والمكان غير الشافعي فتاويه في كتاب الأم عندما انتقل من العراق إلى مصر والفارق سنوات فكيف ونحن نبعد عن كثير من الفقهاء مئات السنين وقد تغيرت الظروف وتطورت القدرات الذهنية والعلمية والصناعية للبشر وزاد عدد المسلمين آلاف مضاعفة وكذلك قضية المرأة التي دخلت سوق العمل وشغلت الوظائف في دول العالم كلها من دون أن يمنعها ما يقوله الإسلاميون طبيعتها البيولوجية والنفسية كان في مكة عند نزول الرسالة فقط 17 رجلا يجيدون القراءة والكتابة بينما لا يخلو الآن أي مجتمع من ملايين يجيدون القراءة والكتابة والخبرات المنوعة في مجالات الحياة كلها لذا تجب إعادة تأسيس فهمنا للشريعة ومعالجة قضاياها في ضوء شروط العصر وتجسيدها بأطر اجتماعية واقتصادية بحيث تفيد البشر لأنها جاءت لخدمتهم