الإستقلال الجنوبي الثاني إستحقاق لا استثناء
بقلم/هاني مسهور
في مثل هذا اليوم، الحادي والعشرين من مايو، قبل واحدٍ وثلاثين عامًا، أطلق الرئيس علي سالم البيض صرخة الجنوب المدوية، لا انسحابًا من وحدة مغتصبة، بل إعلانًا للميلاد الثاني لوطنٍ لم يُخلق إلا حرًّا، لم يكن ذلك اليوم مجرّد حدث سياسي، بل لحظة مفصلية في تاريخ المنطقة، فاصلاً حاسمًا بين زمنين: زمن الضم والإلحاق، وزمن اليقظة والكرامة الوطنية، التي ما لبثت أن تحوّلت إلى مسار طويل من النضال والتحدي والمراكمة السياسية. اليوم، بعد أكثر من ثلاثة عقود، لا يمكن النظر إلى القضية الجنوبية إلا باعتبارها واحدة من أكثر القضايا رسوخًا في وجدان شعبها، ومن أكثرها صلابة في مواجهة مشاريع الإنكار والطمس والاختراق، فمنذ اللحظة الأولى التي أُطلقت فيها شرارة الرفض، وحتى آخر لحظة في جبهات الدفاع عن الأرض، راكم الجنوبيون وعيًا استثنائيًا، تجلّى في وحدة الخطاب الشعبي وتماسك الهوية السياسية، وتحوّل إلى سد منيع أمام محاولات الالتفاف والتفكيك. لقد كانت كل مرحلة من المراحل النضالية، من انتفاضات المكلا، إلى الحراك السلمي، إلى لحظة التحرير المجيدة للعاصمة عدن في يوليو 2015، ثم تحرير المكلا في 2016، وصولًا إلى تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، محطات شكلت حلقات متصلة في مسار صاعد، لا يعرف التراجع، ولا يقبل الاستكانة، وتحوّل الحراك الجنوبي من فعل احتجاجي، إلى مشروع سياسي، ومن خطاب مظلومية، إلى رؤية حكم، وهو اليوم يخطو نحو بناء دولة وطنية جامعة، تقوم على أُطر دستورية تُكرّس التعددية والتعايش الديني والمذهبي، انطلاقًا من تاريخ الجنوب العريق كأرضٍ للتنوع والوسطية. فجنوب ما بعد الاستقلال لن يكون ساحةً للصراعات العقائدية، بل نموذجًا لليمن الجديد القائم على المواطنة واحترام حقوق الإنسان، ورفضًا لكل أشكال التطرف، سواءً من جماعات الحوثي في الشمال أو من بقايا تنظيمات القاعدة وداعش. ولأن النضال الحقيقي لا يُقاس فقط بمقدار ما تحقق، بل أيضًا بمدى ما تم تحصينه، فإن الجنوب اليوم يقف على أرضية سياسية أكثر صلابة من أي وقت مضى، فقد نجح في منع اختراق قضيته من الداخل، ورفض الانجرار إلى
ارسال الخبر الى: