الأمثال الشعبية في الأحساء وحضرموت ٢ ١

أولا- تعريف الأمثال الشعبية وسماتها:
الأمثال نوع من أنواع الأدب الشعبي، حاملٌ لعادات المجتمع وتجربته خلال ماضيه الطويل، وطرق تفكيره، ومزاجه العام. وهي ترتبط كثيرا بالمكان الذي تستخدم فيه، وتعكس أبرز مكونات طبيعة ذلك المكان وحياة الناس فيه، وعاداتهم. وتصاغ الأمثال الشعبية بلهجة أهل المكان الذي تستخدم فيه، وفي كثير من الأحيان الصياغة هي التي تميّز أمثال هذه المنطقة أو تلك، حتى وإن تقاربت أو تطابقت دلالاتها.
لهذا فالامثال الشعبية في الأحساء وحضرموت لا يعني اقتصار وجودها على هاتين المنطقتين، إذ أنها في الغالب متداولة في أنحاء مختلفة من شبه الجزيرة العربية والبلدان العربية الاخرى. كما أن امتدادها الزمني يتجاوز الحاضر لأن معظمها وصلنا من الماضي وله جذور في أعماق التراث الإنساني لكثير من الشعوب.
وقد أهتم الباحثون، في مختلف اللغات، بدراسة الأمثال الشعبية وجمعها وتوثيقها وتصنيفها ودراستها. وتتضمن المكتبة العربية، القديمة والحديثة، عددا كبيرا من كتب الأمثال، مثل: (مجمع الأمثال) للميداني، و(المستقصي في أمثال العرب)، للزمخشري، و(جمهرة الأمثال) لأبي هلال العسكري.
ولغةً: يرتبط تعريف المثل بمفاهيم المماثلة بين عنصرين أو المساواة والتسوية بينهما، أو تشبيه أحدهما بالآخر، وكذلك بمفاهيم المناظرة، والندية، والحذو، والحجة، والعبرة). واصطلاحا: المثل قولٌ موجزٌ حفظه العامة من الناس، ونال موافقتهم من خلال تداوله الواسع بينهم، وبواسطته يسقطون واقعا سابقا يعلمون به ويتفقون عليه، على الواقع الحاضر من خلال المماثلة أو التشبيه بين الواقعين، وعادة يتميّز المثل بشيء من الإيقاع الذي يسهِّل حفظه وتداوله.
وبما أن الأمثال جزءٌ من الأدب الشعبي، فقد دأب الدارسون على الاهتمام بهذا الجانب الشعبي والشفهي للمثل والتأكيد عليه، فحتى في كتب النقد القديم أشار النقاد واللغويون إلى ذلك؛ فإبراهيم الفارابي، مثلاً، عرّف المثل بأنه: ما تراضاه العامة والخاصة في لفظه ومعناه، حتى ابتذلوه فيما بينهم وفاهوا به في السراء والضراء، واستدروا به الممتنع من الدر، ووصلوا به إلى المطالب القصية، وتفرجوا به عن الكرب والمكربة، وهو من أبلغ الحكمة لأن الناس لا يجتمعون على ناقص أو مقصر في الجودة أو غير
ارسال الخبر الى: