بعد عام من سقوط الأسد هل بدأت أوروبا عملية الإعادة القسرية غير المباشرة للسوريين

13 مشاهدة
يعيش السوريون في أوروبا حالة متصاعدة من القلق يرافقها جدل واسع حول مصير وجودهم في البلدان الأوروبية منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر كانون الأول 2024 وجاء هذا القلق على خلفية تصريحات وتحركات صادرة عن بعض الدول الأوروبية عكست توجها نحو مراجعة قرارات وإجراءات تتعلق بإقامة السوريين وتجنيسهم مع بروز حديث متزايد عن إمكان إعادتهم إلى بلادهم رغم استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في سوريا وعقب سقوط بشار الأسد بدأت أوروبا تشهد تحولا ملحوظا في مقاربتها للملف السوري إذ انتقلت بعض الدول من سياسة الحماية المؤقتة شبه التلقائية إلى نهج يقوم على التقييم والتعليق والتحضير للعودة وهي سياسات تطال مئات الآلاف من السوريين المقيمين في القارة منذ سنوات طويلة بعدما فروا من ويلات الحرب والانتهاكات الواسعة التي ارتكبها النظام السابق بحق المدنيين والتي دفعت ملايين السوريين إلى اللجوء نحو أوروبا ودول أخرى يرصد هذا التقرير تفاصيل الإجراءات التي اتخذتها الدول الأوروبية سواء على المستوى الفردي أو الجماعي كما يتناول الواقع الإحصائي والقانوني الجديد الذي يواجهه أكثر من مليون سوري يعيشون اليوم في القارة العجوز في ظل مرحلة تتسم بالغموض وعدم اليقين بشأن مستقبلهم القانوني والإنساني من الحماية إلى التجميد فور الإعلان عن سقوط النظام سارعت العواصم الأوروبية إلى اتخاذ إجراءات فورية وغير منسقة في البداية تمحورت حول تجميد البت في طلبات اللجوء حيث تشير بيانات وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء EUAA والتقارير المرفقة إلى تحول دراماتيكي في الأرقام انخفاض الطلبات تراجعت طلبات اللجوء السورية الشهرية من ذروة بلغت 16 000 طلب في أكتوبر 2024 قبل السقوط بشهرين لتصل إلى 3 500 طلب فقط في سبتمبر 2025 يمثل هذا انخفاضا بنسبة تقارب 78 ما يعكس حالة الترقب وعدم اليقين تراكم الملفات Backlog نتيجة لسياسات التعليق الجماعي تكدست الملفات في أروقة دوائر الهجرة حيث بلغ عدد القضايا المعلقة بانتظار القرار حوالي 110 000 حالة في نهاية سبتمبر 2025 انخفاض معدل الاعتراف انهارت نسبة قبول طلبات اللجوء سواء لجوء كامل أو حماية ثانوية بشكل غير مسبوق ففي النصف الأول من عام 2025 انخفض عدد القرارات الصادرة إلى 13 000 قرار فقط مقارنة بـ 85 000 في العام السابق وبلغت نسبة الاعتراف الإيجابي 17 فقط بعد أن كانت تتجاوز 90 في سنوات الحرب وغالبية القرارات الأخرى كانت إما سحبا للطلبات أو تعليقا إجرائيا الإجراءات التي قامت بها بعض الدول الأوروبية أثارت حفيظة منظمات حقوقية سورية ما دفع بعض المنظمات السورية إلى التحذير من هذه الإجراءات حيث صدر بيان مشترك لمجموعة من المنظمات السورية في 14 كانون الثاني يناير 2025 حذروا فيه من أن هذه القرارات لا يمكن النظر إليها بوصفها إجراءات إدارية مؤقتة بل تمثل تحولا سياسيا له تداعيات إنسانية خطيرة يضع عشرات آلاف السوريين في حالة من اللايقين القانوني والمعيشي ويفتح الباب أمام أشكال غير مباشرة من الإعادة القسرية وأكد البيان أن سوريا رغم التغير السياسي الأخير لا تزال بيئة غير آمنة لعودة اللاجئين في ظل فراغ أمني واسع وانتشار السلاح خارج إطار الدولة وغياب مؤسسات حكومية فاعلة وانعدام منظومة قضائية مستقلة قادرة على توفير الحد الأدنى من الضمانات القانونية كما أشار إلى أن ملايين السوريين ما زالوا نازحين داخل البلاد وأن البنية التحتية مدمرة في مساحات واسعة والخدمات الأساسية إما غائبة أو شديدة الهشاشة ما يجعل أي حديث عن عودة آمنة في المرحلة الراهنة سابقا لأوانه ومحفوفا بمخاطر جسيمة على حياة العائدين وكرامتهم ورأت المنظمات الموقعة أن تعليق معالجة طلبات اللجوء لا يمكن فصله عن السياق السياسي الأوروبي الداخلي معتبرة أن هذا الإجراء يستخدم عمليا كأداة ضغط لدفع اللاجئين نحو العودة عبر إبقائهم في أوضاع قانونية معلقة وحرمانهم من الاستقرار وتعريضهم لخطر الإعادة القسرية غير المباشرة وشدد البيان على أن الحق في طلب اللجوء هو حق أصيل كفله القانون الدولي ولا يجوز تعليقه أو تقويضه استنادا إلى تغيرات سياسية غير مكتملة أو غير مستقرة خصوصا في بلد لم تبدأ فيه بعد أي عملية انتقال قانوني أو مؤسسي حقيقية وكان من المنظمات الموقعة على هذا البيان مركز الوصول لحقوق الإنسان ومحامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان ومنظمة نساء الآن من أجل التنمية وحملة سوريا والشبكة السورية في الدنمارك ومنظمة السراج في السويد التوجه الأوروبي الموحد كذلك في 9 ديسمبر 2025 أصدرت وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء إرشادات محدثة أشارت فيها إلى تحسن في الوضع الأمني مع بقاء التقلبات الإرشادات الجديدة خففت من تقييم المخاطر العامة مثل خطر التجنيد الإجباري الذي كان سببا رئيسيا لمنح اللجوء وحصرت المخاطر في فئات محددة أقليات دينية مثل العلويين والمسيحيين والدروز هذا الضوء الأخضر شجع الدول على استئناف المعالجة ولكن بمعايير أكثر صرامة وقد تفاوتت استجابة الدول الأوروبية بين التشدد الفوري وبين الترقب الحذر وفيما يلي تفصيل للإجراءات في الدول الرئيسية 1 ألمانيا مراجعة شاملة ورفع وتيرة الرفض باعتبارها الحاضنة الأكبر للسوريين في أوروبا حوالي 972 ألف سوري كانت إجراءات برلين الأكثر تأثيرا وجدلا التجميد ثم الاستئناف المشروط أوقف المكتب الاتحادي للهجرة BAMF معالجة جميع الطلبات في 9 ديسمبر 2024 استمر هذا التجميد فعليا حتى سبتمبر 2025 حين بدأت السلطات باستئناف إصدار القرارات ولكن بنهج جديد تصاعد الرفض في أكتوبر 2025 وحده رفضت ألمانيا 1 906 طلبات لجوء أولية وهو رقم ضخم مقارنة بـ 163 حالة رفض فقط طوال الأشهر التسعة السابقة التبرير الرسمي هو أن تغير الوضع في سوريا لا يتيح إثبات خطر الترحيل للرجال الشباب الأصحاء مراجعة الحماية وسحب الإقامات حتى نهاية نوفمبر 2025 أكملت السلطات مراجعة 16 737 ملفا للحاصلين سابقا على حماية النتيجة كانت سحب الحماية من 552 شخصا بينهم 6 حالات لجوء دستوري و268 لجوء جنيف تركزت المراجعات على من زاروا سوريا إجازات الوطن أو المصنفين كـ خطرين أمنيا أو مرتكبي الجرائم سياسة الاندماج أو العودة صرح وزير الداخلية ألكسندر دوبرينت بوضوح من يندمج ويعمل لديه فرصة للبقاء ومن لا يندمج فمستقبله العودة الحكومة تعمل حاليا على اتفاقيات ترحيل مع سوريا تستهدف في المقام الأول المجرمين العودة الطوعية رغم الضجيج الإعلامي تشير الأرقام إلى أن حوالي 1 300 سوري فقط عادوا طوعيا من ألمانيا عبر البرامج الحكومية حتى منتصف 2025 2 النمسا رأس الحربة في سياسات الترحيل اتخذت فيينا الموقف الأكثر راديكالية في أوروبا حيث كانت أول من أعلن صراحة عن خطط للترحيل المنظم الوقف الفوري أمرت الحكومة بوقف معالجة الطلبات في 9 ديسمبر 2024 برنامج العودة أوعز وزير الداخلية بإعداد برنامج لـ الإعادة المنظمة والترحيل واعتبرت فيينا أن سوريا لم تعد تشكل خطرا عاما سحب اللجوء شرعت الوزارة في إجراءات سحب صفة اللجوء من السوريين خاصة المدانين بجرائم وأعلنت أنها بدأت بـ 8 450 إجراء مراجعة حتى سبتمبر 2025 التفرد الأوروبي يتباهى المستشار النمساوي بأن بلاده هي الدولة الوحيدة في أوروبا التي بدأت بإعادة اللاجئين معتبرا أن الترحيل يجب أن يصبح أمرا اعتياديا 3 دول الشمال الأوروبي بين التشدد والانفتاح المشروط النرويج علقت معالجة الطلبات مرتين آخرهما في يونيو 2025 لكن في 18 ديسمبر 2025 رفعت السلطات التعليق معتبرة أن المعلومات باتت كافية لمعالجة الطلبات ومع ذلك أبقت النرويج على تعليق الالتزام بالعودة القسرية للمرفوضين حتى 22 يناير 2026 لإجراء تقييم نهائي السويد أوقفت القرارات فور سقوط الأسد لـ عدم إمكانية تقييم الحاجة للحماية لاحقا أعلن وزير الهجرة عن تفاهم مع الحكومة السورية الجديدة لترحيل المدانين بجرائم مع تحويل المساعدات السويدية من الإغاثة إلى إعادة الإعمار لتهيئة ظروف العودة فنلندا استأنفت إصدار القرارات في أواخر 2025 بعد تجميدها مؤكدة أن الوضع استقر نسبيا وتشير البيانات إلى عدم تسجيل حالات عودة طوعية تذكر من فنلندا رغم الاستعدادات الحكومية لذلك الدنمارك علقت المعالجة وقررت تمديد إقامة من تم رفض طلباتهم سابقا وكانوا بانتظار الترحيل نظرا للغموض الحالي في مفارقة نادرة حيث استفاد المرفوضون سابقا من حالة الفوضى المؤقتة 4 المملكة المتحدة وغرب أوروبا المملكة المتحدة علقت القرارات في ديسمبر 2024 لكنها رفعت التعليق في يوليو 2025 مؤثرة على حوالي 7 000 حالة التوجه الجديد في لندن يعتبر حالة اللاجئ مؤقتة وتفكر الحكومة بجدية في العودة الإجبارية بعد استقرار الأوضاع بلجيكا جمدت الطلبات منذ ديسمبر 2024 وسجلت عودة طوعية متواضعة جدا 159 شخصا منذ بداية 2025 هولندا قررت تأجيل البت في الطلبات لمدة ستة أشهر للملفات الحديثة وأكدت وزيرة الهجرة أن القرارات ستتأخر حتى تتضح الرؤية فرنسا علقت القرارات وتعمل على مراجعة الحالات مع توقع صدور قرارات قريبا تتماشى مع التوجه الأوروبي العام 5 دول المواجهة والشرق الأوروبي اليونان علقت البت في طلبات حوالي 9 000 سوري وتخطط لإنهاء هذا الإجراء قريبا جمهورية التشيك وبولندا وكرواتيا جميعها أوقفت اتخاذ القرارات بانتظار توجيهات موحدة أو وضوح الرؤية واقع العودة الأرقام مقابل التحديات بينما تضغط الحكومات الأوروبية باتجاه العودة ترسم البيانات والتقارير الميدانية صورة معقدة للواقع اذ تشير تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى حركة عودة نشطة ولكنها ليست جماعية بالمعنى الشامل عاد حوالي 577 266 سوريا من الخارج في الفترة بين سقوط النظام ديسمبر 2024 ويونيو 2025 العدد الإجمالي للعائدين منذ بداية 2024 يقارب 938 000 لاجئ معظم العائدين جاءوا من دول الجوار تركيا لبنان الأردن وليس من أوروبا العائدون من أوروبا يشكلون نسبة ضئيلة جدا ألمانيا مثلا 1300 حالة فقط كما لجأت بعض الدول واللاجئين إلى حلول وسطى لكسر حاجز الخوف حيث اقرت تركيا ما يطلق عليه زيارات Go and See حيث سمحت للسوريين بإجراء ما يصل إلى 3 زيارات استطلاعية لسوريا دون فقدان الحماية المؤقتة لتقييم الوضع قبل القرار النهائي تشير استطلاعات الرأي إلى أن 60 من اللاجئين يرغبون في إجراء زيارة استطلاعية قبل العودة النهائية الجانب الحقوقي والإنساني حالة اللايقين أدى التعليق الجماعي للطلبات إلى وضع قانوني وإنساني حرج وثقته منظمات حقوقية مثل المرصد الأورومتوسطي انتهاك القوانين الدولية يعتبر الحقوقيون أن التجميد الجماعي دون تقييم فردي يمثل انتهاكا لاتفاقية جنيف ومبدأ عدم الإعادة القسرية الضغط الصامت وضع اللاجئين في حالة انتظار طويلة Limbo وحرمانهم من لم الشمل والاستقرار يخلق نوعا من الإعادة القسرية غير المباشرة حيث يضطر اللاجئ للعودة تحت وطأة اليأس والضغط النفسي والاقتصادي وليس بناء على قرار حر تشتت العائلات قصص إنسانية عديدة مثل قصة نورا و عمر تظهر كيف أدى إغلاق الحدود والتعليق البيروقراطي إلى تشتت عائلات بين أوروبا ولبنان وسوريا حيث يجد البعض نفسه عاجزا عن التقدم للأمام أو العودة للخلف لا ضمانات للعودة هذه الاجراءات الاوروبية دفعت فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان للقول أن سقوط النظام السابق رغم أهميته السياسية لا يشكل بحد ذاته ضمانة للعودة الآمنة وقال عبد الغني إن هذا السقوط شرط لازم لكنه غير كاف موضحا أن العودة تتطلب بيئة قانونية متكاملة وعدالة انتقالية فعلية وضمانات واضحة بعدم التعرض للاعتقال أو الانتقام وحذر من أن بعض الدول قد تستغل التحول السياسي في سوريا للتنصل من التزاماتها القانونية تجاه اللاجئين معتبرا أن أي انفتاح سياسي أو رفع للعقوبات يجب أن يقترن أولا بحماية العائدين لا الدفع نحو إعادتهم قبل توافر شروط الأمان من جانبه انتقد المحامي والناشط الحقوقي أنور البني المقيم في ألمانيا ما وصفه بـ السردية الأوروبية المتفائلة حول تحسن الوضع الأمني في سوريا مؤكدا أن الحديث عن مناطق آمنة لا يستند إلى أسس قانونية أو واقعية وأشار البني إلى أن ما وصفها بـ الميليشيات لا تزال تفرض نفوذها وأن مؤسسات الدولة لم يعاد بناؤها على قواعد قانونية مستقلة محذرا من أن العودة في ظل غياب قضاء مستقل وقوانين عادلة تمثل مقامرة بحياة الناس وليست حلا إنسانيا كما اعتبر أن المصالحات الشكلية أو الترتيبات العشائرية لا يمكن أن تكون بديلا عن دولة القانون ولا تشكل ضمانة لعدم تكرار الانتهاكات حالة اللايقين يقول ناشط حقوقي سوري مقيم في ألمانيا إن ما تشهده أوروبا اليوم في تعاملها مع ملف اللجوء السوري لا يمكن فصله عن حالة اللايقين القانوني والإنساني التي أدخل فيها عشرات الآلاف من السوريين بشكل متعمد موضحا أن منظمات حقوقية عدة بينها المرصد الأورومتوسطي وثقت انتهاكات خطيرة نتجت مباشرة عن سياسات تجميد طلبات اللجوء حيث تم وضع آلاف السوريين في حالة انتظار مفتوحة بلا سقف زمني لا هم مرفوضون ليستأنفوا ولا مقبولون ليستقروا وهو ما يشكل بحسب وصفه نوعا من الضغط الصامت أو الإعادة القسرية غير المباشرة ويؤكد أن هذا التعليق المتعمد يدفع اللاجئ تدريجيا إلى اليأس ويقوده نفسيا واقتصاديا إلى التفكير في العودة الطوعية لا لأنها آمنة أو مختارة بل لأنها الخيار الوحيد للهروب من الفراغ القانوني وتدهور ظروف العيش في أوروبا ويضيف الناشط أن هذا الواقع لا يقتصر على أرقام وملفات بل ينعكس في قصص إنسانية مأساوية مثل حالة نورا و عمر وهما سوريان كانا يقيمان في لبنان ثم سافرا إلى أوروبا أملا بالحماية قبل أن تعلق طلباتهما هناك وفي الوقت نفسه منعا من العودة إلى لبنان بينما يخشيان العودة إلى سوريا ليجدا نفسيهما عالقين بين ثلاث دول بلا حماية ولا مستقبل واضح ويؤكد أن هذه الحالات ليست استثناء بل تمثل نموذجا لما يسميه الحقوقيون المصيدة القانونية التي سقط فيها آلاف السوريين نتيجة سياسات أوروبية تفتقر إلى الحس الإنساني ويرى الناشط الحقوقي أن التجميد الجماعي لطلبات اللجوء دون فحص فردي يتعارض بشكل مباشر مع اتفاقية جنيف ومبدأ عدم الإعادة القسرية خاصة أن وكالات الأمم المتحدة نفسها لا تزال تصنف سوريا كبلد غير آمن بالكامل للعودة محذرا من أن شرعنة هذا النهج تفتح الباب أمام تقويض منظومة الحماية الدولية للاجئين برمتها وليس فقط السوريين وفي البعد الديموغرافي والاقتصادي يشدد الناشط على أن قرارات الترحيل أو سحب الحماية لا يمكن النظر إليها بمعزل عن الواقع الحقيقي للجالية السورية في أوروبا ولا سيما في ألمانيا حيث نشأ جيل كامل من السوريين داخل المجتمع الألماني فوفق البيانات يشكل القاصرون نحو ثلث السوريين في البلاد بينما ولد قرابة 19 منهم داخل ألمانيا نفسها ما يعني أن الحديث عن ترحيل هؤلاء لا يتعلق بإعادة أشخاص إلى بلدهم الأصلي بل باقتلاع جيل كامل من البيئة الوحيدة التي عرفها اجتماعيا وثقافيا وتعليميا ويتابع أن السوريين حققوا رغم كل الصعوبات تقدما ملموسا في الاندماج الاقتصادي خاصة بين الرجال العاملين في قطاعات حيوية مثل النقل والخدمات اللوجستية والبناء حيث تقترب معدلات توظيفهم من المتوسط الألماني بعد نحو عشر سنوات من الإقامة في حين لا تزال النساء يعانين فجوة واضحة في فرص العمل ما يتطلب سياسات دمج لا سياسات طرد كما يشير إلى أن حصول 83 ألف سوري على الجنسية الألمانية في عام 2024 وحده وهو رقم قياسي يضعهم في صدارة المجنسين يعكس عمق اندماجهم واستقرارهم ويشكل في الوقت نفسه درعا قانونيا يحميهم من الترحيل لكنه يفتح جدلا سياسيا متصاعدا حول ازدواج الجنسية ومستقبل سياسات الهجرة في ألمانيا هشاشة في الوضع القانوني وفي السياق الأوروبي نبه خالد الشولي المحامي ورئيس مؤسسة العدالة الواحدة في فرنسا إلى هشاشة الوضع القانوني لفئات واسعة من السوريين خصوصا الحاصلين على الحماية الثانوية موضحا أن هذه الفئة تمثل الحلقة الأضعف في أي مراجعة قانونية جماعية وأشار إلى وجود نقاشات داخل بعض البرلمانات الأوروبية لتعديل أنظمة الحماية المؤقتة استنادا إلى تقارير سياسية تتحدث عن تحسن أمني نسبي محذرا من أن هذه المقاربة تتجاهل كليا غياب العدالة الانتقالية وعدم وجود ضمانات حقيقية لحماية الحقوق داخل سوريا بدوره حذر الحقوقي والمختص بالقانون الجنائي الدولي المعتصم الكيلاني مما وصفه بـ تريند العودة الذي يروج لفكرة العودة بوصفها خيارا طبيعيا أو حتميا بعد سقوط النظام من دون أي أسس قانونية صلبة وأكد الكيلاني أن أي ترحيل أو إعادة قسرية في هذه المرحلة حتى لو جرى تبريرها بالتغير السياسي يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي خصوصا في ظل غياب ضمانات المحاكمة العادلة واستمرار خطر التعذيب أو الانتقام واعتبر أن العدالة الانتقالية ليست مسألة ثانوية أو مؤجلة بل شرطا جوهريا لأي استقرار حقيقي أو عودة مستدامة وتزايدت المخاوف الحقوقية مع تصريحات المستشار الألماني فريدريش ميرتس الذي دعا في خريف 2025 إلى فتح قنوات تنسيق مع السلطات السورية الجديدة لا سيما فيما يتعلق بترحيل المدانين بجرائم جنائية ورغم محاولة فصل هذه الدعوة عن ملف اللاجئين ككل رأت منظمات حقوقية وجاليات سورية أن هذه التصريحات تمهد لتوسيع نطاق الترحيل وتفتح الباب أمام خلط خطير بين القضايا الجنائية الفردية وحقوق الحماية الدولية بما قد يقوض مبدأ عدم الإعادة القسرية الذي يعد حجر الأساس في قانون اللاجئين الدولي

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع عربي بوست لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح