بين الأرض والماء كيف نبيع وطنا في كل بئر

51 مشاهدة
اخبار اليمن الان الحدث اليوم عاجل

يمنات

عبد الوهاب قطران

في قريتنا، يموت العنب واقفًا.. يذبل على عروقه، ويهوي على التراب عطشًا وقهرًا. لا ماء، لا مطر، لا أمل.

البئر الارتوازية التي حفرناها قبل أربع سنوات كلفتنا ما يقارب ستين مليون ريال. بعنا لأجلها أرضًا ثمينة، حوالي مئة لبنة، كانت اللبنة بمليون في ذلك الوقت. استنزفنا ما نملك لنصل إلى الماء، واليوم جفّت البئر، وسقطنا نحن معها.

أما الآن، فاللبنة تُباع بمئتي ألف فقط، وحفر البئر لا يزال يكلف ستين مليونًا! يعني: نبيع نصف ما تبقى لنا من أرض، فقط لنغرسها في باطن الأرض، دون ضمانة أن تثمر ماءً أو حياة!

لقد بعنا خلال العقدين الماضيين أكثر من 300 لبنة لحفر الآبار. كل تلك الأرض تبخرت في باطن الأرض، والنتيجة: لا ماء، ولا كرامة، ولا وطن.

والمأساة لا تقف هنا.

حتى إن أردت اليوم حفر بئر، عليك أن تدفع الملايين “رسوم تراخيص” للسلطة. سلطة لا ترحم، تعيش على جباية الظمآن، وتتاجر بعطش الفلاح.

اتصلوا بي من القرية وهم يبكون، يقولون: “البئر نشفت، العنب مات، لا قوت، لا ماء، لا مخرج”. يريدون بيع أرض جديدة لحفر بئر جديدة!

قلت لهم بصدق: هاجروا.. اقطعوا فيز.. شقّوا طريقكم في أرض الله الواسعة.

ردّوا بحسرة: “لقد كبرنا، كان علينا أن نغترب حين كنّا شبابًا”.

فقلت لهم: “حتى لو حفرتم اليوم، الماء لن يأتي إلا بعد أن تبيعوا آخر ما تملكون.. وبعدها قد تضطرون للهجرة تحت ضغط العطش والحاجة!”

بلادنا لم تعد صالحة للحياة. تعز تموت عطشًا. صنعاء تنهار. همدان وأرحب ووصاب والسحول، كلها تصرخ من تحت الأرض: أعيدوا لنا الماء أو أعيدوا لنا الحياة!

لكن الجراح الكبرى ليست في البئر فقط، بل في البيوت.

في كل بيت فلاّح هناك مأساة صامتة:
رجل لا يجد ثمن كيس طحين، ويضطر للاستدانة يوميًا لشراء خبز أولاده.
وآخر، ربّ أسرة شاب، لا يستطيع شراء حليب لتوأمين لم يبلغا عامهما الأول… يبكيان من الجوع، ولا يسمعهما أحد!

قلبي يوجعني.
إلى أين وصل بنا الحال؟

نعيش

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع يمنات لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح