اقتصادات دول الخليج تبني درعا مالية ضد الصدمات
في وقت تتصاعد فيه الصدمات الاقتصادية العالمية، من تقلبات أسعار الطاقة وتشديد السياسات النقدية إلى التوترات الجيوسياسية واضطرابات سلاسل الإمداد، تواصل دول الخليج تعزيز مناعتها الاقتصادية عبر مزيج من الاحتياطيات المالية الضخمة، والفوائض الخارجية، وتسارع برامج التنويع. وتكشف تقارير دولية، في مقدمتها صندوق النقد الدولي، أن هذه المقاربة لم تعد استجابة ظرفية للأزمات، بل تحولت إطاراً استراتيجياً يهدف إلى حماية الاستقرار المالي والاجتماعي، وضمان قدرة الاقتصادات الخليجية على امتصاص الصدمات والمحافظة على مسارات النمو.
ويستند تقدير صندوق النقد الدولي لقدرة دول الخليج على مواجهة الصدمات العالمية، الصادر في 5 ديسمبر/كانون الأول 2025، إلى مزيج من متانة المؤشرات المالية والاقتصادية، وتسارع برامج التنويع، وتراكم هوامش أمان كبيرة، ويرى أن العوامل الداعمة لمرونة اقتصادات الخليج تبدأ من الاحتياطيات الكبيرة والفوائض الخارجية. فمراكز الحساب الجاري ما تزال قوية رغم خفض إنتاج النفط، واستيعاب موجات واردات أعلى مع توسع المشروعات، كما تدعمها أصول ضخمة للصناديق السيادية وإمكانية انتهاج سياسة مالية مضادة للدورة الاقتصادية عند الحاجة، بحسب ورقة سياسات نشرها الصندوق.
وإضافة لذلك، بقي التضخم في مستويات متدنية نسبياً، وظلت معظم دول الخليج قادرة على الحفاظ على فوائض مالية أو مستويات دين يمكن إدارتها دون ضغوط حادة، ما يمنح الحكومات مساحة للتحرك في حال تعرضت لصدمة أسعار نفط أو تضييق في الأوضاع المالية العالمية، حسب ما أورد تقرير تحليلي نشرته شبكة الأبحاث الأميركية RANE Network.
لكن تقرير صندوق النقد يلفت إلى أن مخاطر المرحلة المقبلة تجعل الهبوط احتمالاً قائماً؛ فاستمرار حالة عدم اليقين عالمياً يعني أن أي تراجع في أسعار النفط، أو دورة تشديد جديدة في السياسة النقدية الأميريكة، قد ينعكسان على عوائد الصادرات، وتكلفة التمويل، وأسعار الأصول في المنطقة.
كما يلفت التقرير إلى أن التحولات الهيكلية في الاقتصاد العالمي، من إعادة تشكيل سلاسل الإمداد وتسارع التحول في الطاقة واشتداد التوترات الجيوسياسية، تحمل مخاطر مزدوجة للخليج، فهي قد تقلص الطلب على الهيدروكربونات على المدى المتوسط، لكنها في الوقت ذاته تفتح مجالات استثمارية في الغاز
ارسال الخبر الى: